تبدع كيت مكجواير منحوتات ساحرة ذات حسّ جنسيّ قاتم، عبر تكديس الريش فوق هياكل متعرجة تشبه الشرائط الموبيوسية. تبدو هذه الأشكال وكأنها تنحني وتتلوّى في داخلها، إذ يضيف ريشها المكتظّ والمصفوف بدقّة طابعًا عضويًا وانسيابيةً تخاطب الحواس.
يتبع بصر المشاهد مسارات الريش كما يتتبّع مجرى نهرٍ جارٍ، فينشأ وهم بحركة رقيقةٍ وكأنّ العمل ينبض ويتلوّى برفق — أحيانًا يلتفّ إلى حلقة لامتناهية، وأحيانًا ينفجر في اندفاعٍ مفاجئ يشبه نافورة ماء تخترق جدارًا.
عملت مكجواير لسنواتٍ بموادٍ عضوية طبيعیة مثل الخشب والعظم، لكنّ منحوتات الريش هي التي وضعتها بحق على خريطة الفن؛ إذ تبهرك الحِرفية وتشدّك الإحساس العميق بالقوّة التي تفجرها تلك القطع. سواء كانت منحوتات صغيرة محبوكة داخل قباب زجاجية دقيقة أو تركيبات ضخمة تملأ غرفة بأكملها، فإنّ الكمّ الهائل من الريش المطلوب لصناعة كل قطعة يبهرك بالفعل.
مثال على ذلك: المنحوتة الطويلة بعرض ثلاثة أمتار «كورفيد» استُخدم فيها أكثر من عشرة آلاف ريشة، وقد استغرق جمعها سنواتٍ طوال.
تستدعي هذه الباحثة المستمرة والمضنية للمواد شبكة واسعة من المساهمين عبر أرجاء إنجلترا — من متسابقِي الحمام إلى حراس الصيد وأفراد الجمهور العام — وتعتبر هذا التعاون جزءًا جوهريًا وملهمًا من عملية خلقها. وهي كذلك من القلائل الذين لا يكتفون بالاعتراف بمساهميهم فحسب، بل يشكرونهم علنًا على موقعهم الإلكتروني. من ناحية أخرى، تختار عدم الخوض كثيرًا في تفاصيل بناء المنحوتات: تُلصق الرياش بمساعدة أيادي ماهرة، لكنّ البنية التحتية الفِكرية والمادية تُتصوَّر وتُصنع على يدها وحدها، وهي تتسم بالتحفّظ تجاه الإفصاح عنها، ما يضفي على العمل هالة من الغموض والإثارة التأملية.
تُدعِي هذه العناصر مجتمعة المشاهد إلى التوقّف أمام جماليةٍ قويةٍ ومتقنة، حيث يلتقي الحرفيونَة والتكثيف العضوي مع سرٍّ فني لا يزال يراوح مكانه بين الوضوح والإبهام، في أسلوبها في البناء الذي يبقى محاطًا بالسر.