أصدرت محكمة حقوق الإنسان الأوروبية حكماً يوم الخميس قضى بأن التشريعات الفرنسية المتعلقة بالموافقة الجنسية تفتقر إلى الحماية الكافية، معتبرة أن السلطات أخطأت في قضية تقدمت بها امرأة اتهمت رئيسها في العمل بإكراهها على الدخول في علاقة مسيئة.
المدعية، وهي مساعدة صيدلي في الأربعينيات من عمرها آنياً، كانت تعمل بعقد مؤقت في مستشفى عام 2010 عندما دخلت في علاقة جنسية سادو-ماسوشيستية مع رئيس القسم.
يميل السادو-ماسوشيزم إلى أن يشمل إلحاق الألم أو الإذلال بشخص من قبل آخر، مع احتمال تغيير أدوار المسيء والمتألم بين الطرفين.
المرأة، المعروفة بالأحرف الأولى E.A ومولودة عام 1983، كانت أصغر بنحو خمسة عشر عاماً من رئيس القسم المشار إليه بالأحرف K.B (مواليد 1967).
لاحقاً قدَّمت شكوى قانونية تتهمه بـ”اغتصاب مصحوب بتعذيب وأفعال همجية” ارتكبها شخص يستغل سلطة وظيفية، إضافةً إلى “عنف جسدي ونفسي” و”تحرّش واعتداء جنسي”.
أدانت محكمة ابتدائية الرجل، لكن محكمة استئناف برأته عام 2021 استناداً إلى أن الطرفين وقّعا على عقد مكتوب يحدد طبيعة علاقتهما الجنسية، ما اعتُبر دليلاً على الموافقة.
غير أن المدعيه، بدعم من الجمعية الأوروبية ضد العنف ضد النساء في مكان العمل (AVFT) ومقرها باريس، أحالت القضية إلى محكمة حقوق الإنسان الأوروبية في ستراسبورع.
ادعت أن السلطات الفرنسية أخفقت في واجبها بإجراء تحقيق فعّال وأنها تعرّضت لما وصفته بـ”الضحية الثانوية” جراء تعامل الجهات المحلية مع القضية.
قضت المحكمة الأوروبية لصالحها، ورأت أيضاً أن القوانين الجنائية الفرنسية الراهنة لا توفر حماية كافية من الأفعال الجنسية غير الطوعية.
واعتبرت المحكمة أن السلطات الفرنسية انتهكت أحكام الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان المتعلقة بحظر المعاملة القاسية أو المهينة وباحترام الحياة الخاصة، فأكدت حكمها لصالح المدعية وأمرت الدولة الفرنسية بدفع تعويض قدره 20 ألف يورو بالإضافة إلى تكاليف المحاماة.
وشدّدت المحكمة على أن أي التزام سابق بممارسة علاقة جنسية يمكن سحبه في أي وقت ولا يبرر استمرار علاقة جنسية دون موافقة حاضرة وواضحة.
وقالت نينا بونهوم جانوتو، المستشارة القانونية في AVFT، إن البعد العميق لقرار محكمة حقوق الإنسان يكمن في إعادة تعريف مفهوم الاغتصاب وكيفية التعامل معه قانونياً.
وعبرت محامية المدعية، مارجولين فينيولا، عن أملها أن يدفع هذا الحكم الحكومة الفرنسية إلى تعديل القانون ليصبح “أكثر حماية للنساء”.
ويجري حالياً في البرلمان الفرنسي نقاش حول مشروع قانون يعرِّف الاغتصاب بأنه “أي فعل جنسي غير طوعي”. وستنقل هذه الصيغة عبء الإثبات من الضحية المفترضة إلى المتهم المزعوم — كما هو معمول به بالفعل في دول مثل إسبانيا والسويد.