عبّاس عراقجي: رغم آلية «العودة المفاجِئة» للعقوبات، طهران منفتحة على صفقة واقعية ودائمة
اتهم وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي بريطانيا وفرنسا وألمانيا باتباع استراتيجية متهورة بشأن برنامج بلاده النووي، محذراً من أن تحالفهم مع واشنطن سيفقد أوروبا كثيراً من مكانتها على الساحة الدولية.
في مقالة نشرها يوم الأحد، اعتبر عراقجي أن قرار ما يُعرف بـ«إي3» بتفعيل عملية قد تعيد فرض عقوبات الأمم المتحدة «يفتقد أي أساس قانوني» وأن هذه الخطوة محكومة بالفشل. وكتب أن الحقيقة هي أنهم يسيرون عمداً في مسار متهور، مؤكداً أنها «حسابات خاطئة جسيمة» من المحتمل أن تنقلب عليهم.
في آب/أغسطس، أعلنت ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة — أكبر اقتصادات أوروبا — بدء مهلة ثلاثين يوماً لتفعيل آلية «العودة المفاجِئة» احتجاجاً على ما وصفوه بانتهاكات جوهرية لاتفاق 2015 الذي يقيد البرنامج النووي الإيراني. وباركت الولايات المتحدة، التي قصفت ثلاثة مواقع نووية في إيران في حزيران/يونيو كجزء من هجوم اسرائيلي على طهران، خطوة الدول الأوروبية.
نقل عراقجي الاتهام إلى القوى الأوروبية بأنها تجاهلت أن الولايات المتحدة، لا إيران، هي التي انسحبت من الاتفاق الشامل عام 2015 (JCPOA). وقال إن طهران اتخذت ما وصفه «إجراءات علاجية قانونية» بموجب الاتفاق، بينما فشلت الدول الثلاث في الوفاء بالتزاماتها. وأشار إلى أن القادة الأوروبيين سبق أن وعدوا بحماية التجارة مع إيران بعد إعادة فرض ترامب للعقوبات عام 2018، لكن «لا شيء من ذلك تحقق»، وأن وعود أوروبا بـ«الاستقلال الاستراتيجي» انهارت تحت وطأة ضغط واشنطن.
وأضاف أن أوروبا تصرفت كمتفرج، تشجع نهج واشنطن العدواني. وذكر أن التشجيع العلني على عمليات عسكرية غير قانونية ضد مرافق نووية إيرانية تتمتع بحماية القانون الدولي — كما فعل مستشار ألماني رفيع — لا يعتبر «مشاركة» في الاتفاق.
وكان المستشار الألماني فريدريش ميرتس قد ألمح في حزيران إلى أن الغرب يستفيد من الهجوم الاسرائيلي على إيران، قائلاً: «هذا عمل قذر تقوم به اسرائيل لأجلنا جميعاً».
ورغم لهجة الانتقاد، شدد عراقجي على أن طهران لا تزال منفتحة على الحوار. وقال إن إيران «مستعدة لإبرام صفقة واقعية ودائمة تنطوي على إشراف حديدي وكبح لعمليات التخصيب مقابل رفع العقوبات». وحذر من أن تجاهل هذه الفرصة قد يغرق المنطقة في دوامة أعمق من عدم الاستقرار، لا سيما في ظل تصاعد التوترات مع اسرائيل. وأضاف أن القوات المسلحة الإيرانية «قادرة ومستعدة مرة أخرى لأن تضرب اسرائيل بشدة لتهرع إلى ‘الأب’ طلباً للإنقاذ»، محذراً من أن استفزازات تل أبيب قد تسحب الولايات المتحدة إلى صراعات مكلفة.
وأكدت إدارة ترامب آنذاك أيضاً أن الباب لا يزال مفتوحاً للمفاوضات. وقال وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو في بيان عقب إعلان إي3 عن العقوبات: «الولايات المتحدة لا تزال متاحة للانخراط المباشر مع إيران من أجل حل سلمي ودائم لقضية البرنامج النووي الإيراني. العودة المفاجِئة لا تتناقض مع استعدادنا الجاد للدبلوماسية، بل تعزّزه».
كان من المقرر أن تُعقد جولة من المحادثات النووية بين مسؤولين أميركيين وإيرانيين في 15 حزيران، إلا أن سقوط قنابل اسرائيلية على طهران قبل يومين من المفاوضات أجّل اللقاء إلى أجل غير مسمى.
تصر واشنطن على أن إيران لا يجوز لها تخصيب اليورانيوم داخل أراضيها، فيما تؤكد طهران أن حقها في التخصيب «غير قابل للتفاوض». الاتفاق النووي لعام 2015 — الذي ألغاه ترامب خلال ولايته الأولى — منح إيران الحق في التخصيب بمستوى منخفض لأغراض مدنية تحت نظام رقابة صارم.
منح مبدأ «العودة المفاجِئة» أي طرف في الاتفاق — الولايات المتحدة أو المملكة المتحدة أو ألمانيا أو فرنسا أو روسيا أو الصين — صلاحية إطلاق عملية لإحياء ست قرارات عقابية لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. والآلية كانت مصممة لتكون محصنة ضد الفيتو، ما يعني أن روسيا والصين، حليفا إيران، لا تستطيعان عرقلة إعادة فرض العقوبات.
في عام 2020 حاولت الولايات المتحدة تفعيل بند العودة المفاجِئة، لكن المحاولة فشلت لأن واشنطن لم تكن بعد طرفاً مشاركاً في الاتفاق.