تدشين سدّ النهضة: إنجاز أثيوبيا ومحاذير بشأن الأمن المائي
نُشر في 9 سبتمبر 2025
افتتحت أثيوبيا أكبر سد كهرمائي في قارة إفريقيا على نهر النيل الأزرق، في مشروع كلف حوالى خمسة مليارات دولار وأثار استياء وتخوّف جيرانها، خاصة السودان ومصر، اللذين يعتمدان بشكل كبير على مياه النيل لتأمين احتياجاتهما المائية.
أشاد رئيس الوزراء آبي أحمد بسد النهضة بوصفه “فرصة مشتركة” إقليمياً، ويتوقع أن يولد أكثر من خمسة آلاف ميجاواط من الكهرباء مع إمكانية تصدير فائض الإنتاج إلى دول الجوار.
حضر مراسم الاحتفال عدد محدود من القادة الإقليميين، من بينهم رئيس كينيا ويليام روتو ورئيس الصومال حسن شيخ محمود. انطلقت الفعاليات مساء الثلاثاء بعروض فوانيس وطائرات دون طيار كتبت شعارات مثل «صعود جيوسياسي» و«قفزة إلى المستقبل».
ومع ذلك، أعربت مصر والسودان عن مخاوف من أن السد قد يهدد أمنهما المائي بل وينطوي، بحسب وصفهما، على خروقات محتملة للقانون الدولي. غاب قادة البلدين عن مراسم الافتتاح.
يقع السد على بعد نحو 14 كيلومتراً شرق الحدود السودانية، عرضه حوالي 1.8 كيلومتر وارتفاعه نحو 145 متراً. بيّن بيترو ساليني، المدير التنفيذي لشركة ويبيلد الإيطالية التي نفذت المشروع، لإي شبكة الجزيرة أنه «يفهم مخاوف الجيران، لأن النيل بالنسبة لمصر هو شارع الحياة»، لكنه أضاف أن «تنظيم مياه النهر عبر هذا السد سيجلب منافع إضافية للدول المجاورة».
تهديد مستمر للاستقرار
أثار سد النهضة توترات إقليمية منذ بدء العمل به عام 2011، ومحادثات التعاون بين إثيوبيا والسودان ومصر ظلت متعثرة على مدى سنوات. وأصدرت الخرطوم والقاهرة بياناً مشتركاً الأسبوع الماضي وصفا فيه خطوات أثيوبيا بأنها “أحادية” ومصدر “تهديد مستمر للاستقرار”.
يواجه سد الروصيرص في السودان، الواقع على بعد نحو 110 كيلومترات أسفل موقع سد النهضة، مخاطر محتملة إذا قامت أثيوبيا بإطلاقات مائية كبيرة من دون تنسيق مسبق. يقول مختصون إن الروصيرص أقرب منشأة وقد يتحمّل العبء الأكبر لو حدث أي خلل في السد الإثيوبي، لكونه أقدم بنحو ستين عاماً وكان أصغر كثيراً عند بنائه.
إلى جانب المخاطر، قد يوفر سد النهضة فوائد ملموسة: تنظيم جريان النهر سنوياً والحدّ من الفيضانات التي تتعرض لها القرى على ضفاف النيل، فضلاً عن تقليل كميات الطمي والأشجار التي تجلبها مواسم الأمطار وتؤدي إلى تقلص سعة التخزين في الروصيرص. قال عبدالله عبد الرحمن، مدير إدارة سد الروصيرص، للجزيرة إن سد النهضة ساهم في السيطرة على فيضانات كانت «كبرى للغاية»، وإنه خفّض كميات الطمي والأخشاب التي كانت تقلّص السعة التخزينية بما يقارب الثلث.
من جهته، يرى ديسالجن تشاني داغنيو، أستاذ مساعد في موارد المياه بجامعة بحر دار وعضو في البرلمان الإثيوبي، أن فوائد السد قد تتجاوز مجرد التخفيف من الفيض والطمي، وأن المشروع يمكن أن يتحول إلى رافعة للتكامل والتعاون الإقليمي بدل أن يكون مصدراً للتوتر.