محادثات تجارية أميركية–صينية في إسبانيا تستأنف لليوم الثاني
تجري الولايات المتحدة والصين اليوم ثاني يوم من المحادثات التجارية في إسبانيا في محاولة لخفض منسوب التوتر بين أكبر اقتصادين في العالم. يلتقي مسؤولو الطرفين في قصر سانتا كروز بمادريد يوم الاثنين في أحدث جولة من المباحثات سعياً للتوصل إلى اتفاق تجاري شامل بعد أشهر من الردود المتبادلة والإجراءات التصعيدية.
قاد الوفد الأميركي وزير الخزانة سكوت بيسنت والوفد الصيني نائب رئيس الوزراء خه ليفنغ، حيث عقد الطرفان نحو ست ساعات من المحادثات يوم الأحد. ومن المقرر أن تستمر المباحثات حتى يوم الأربعاء، في وقت تتأثر العلاقت بين واشنطن وبكين بخلافات حول التجارة، لا سيما بشأن مشتريات الصين من النفط الروسي.
تضغط إدارة الرئيس دونالد ترامب على حلفاء الولايات المتحدة لفرض رسوم جمركية مرتفعة على الصين والهند بسبب مشترياتهما من النفط الروسي، في محاولة للضغط على روسيا لإنهاء حربها في أوكرانيا. وفي منشور على منصته “تروث سوشل” خلال عطلة نهاية الأسبوع طالب ترامب دول حلف شمال الأطلسي بفرض رسوم جمركية تصل إلى 100% على السلع الصينية حتى انتهاء الحرب، قائلاً إن “الصين تملك سيطرة قوية، وربما قبضة على روسيا، وهذه الرسوم القوية ستفكك تلك القبضة”.
رفع ترامب بالفعل نسبة الرسوم على السلع الهندية إلى 50% في محاولة لإبعاد نيودلهي عن موسكو، لكنه لم يستهدف حتى الآن الصين جراء مشترياتها من النفط الروسي. من جانبه، بدا وزير الخارجية الصيني وانغ يي في تصريحاته يوم السبت وكأنه ينتقد جهود واشنطن لمعاقبة الدول المشتِية للنفط الروسي، مشيراً إلى أن العقوبات ستزيد من تعقيد الوضع في أوكرانيا.
في خطوة متصلة، فتحت وزارة التجارة الصينية تحقيقين جديدين في قطاع الرقاقات الأميركي، وذلك بعد يوم من إضافة وزارة التجارة الأميركية 23 كياناً صينياً جديداً إلى قائمتها المقيدة للتجارة. وتأتي المحادثات في مدريد أيضاً قبيل موعد نهائي يوم الأربعاء يطال شركة بايتدانس للتخلي عن تطبيق تيك توك أو مواجهة حظر على التطبيق في الولايات المتحدة؛ وقد أجل ترامب تنفيذ الحظر ثلاث مرات حتى الآن، رغم أن البند أدرج في تشريع أقره الكونغرس العام الماضي بدعم حزبي واسع.
التقى مسؤولان أميركيان وصينيان آخر مرة في يوليو في ستوكهولم بعد جولات سابقة في لندن وجنيف في مايو ويونيو على التوالي. وفي أحدث لقاء اتفق الطرفان على تمديد هدنة سابقة على رسوم جمركية تصل إلى 145% لمدة 90 يوماً إضافية. وخلال هذه الهدنة تفرض الولايات المتحدة رسوماً بنسبة 30% على السلع الصينية، بينما تخضع السلع الأميركية لرسوم بنحو 10%.
قال هيواي تانغ، مدير معهد آسيا العالمي في هونغ كونغ، إن لا دوافع قوية لدى واشنطن أو بكين للتراجع الكامل عن حرب الرسوم الجمركية في الوقت الراهن: “تمتلك الصين موارد الأرض النادرة وقدرة صناعية يحتاجها الأميركيون، بينما تمتلك الولايات المتحدة سوقاً يصعب على الصين تعويضه بسهولة. لذا لدى كل طرف بعض أوراق الضغط على الآخر.” وأضاف أنه يتوقع أن يخفض ترامب الرسوم في وقت ما مع اتساع أثر ارتفاع الأسعار داخل الولايات المتحدة: “المسألة متى سيحدث ذلك. الاقتصاديون ليسوا بارعين في تحديد التوقيت بالضبط، لكن من المرجح أن يخفض الجانبان الرسوم خلال أقل من عام.”
أما ديبورا إلمس، رئيسة سياسة التجارة في مؤسسة هينريخ في سنغافورة، فقالت إنها تتوقع نتائج متواضعة من المحادثات: “إن تمكنوا من تجميع أمر ما، أظن أنهم سيحاولون الالتزام بحل مسألة تيك توك قبل نهاية ولاية ترامب. أما تمديد المهلة لفترة قصيرة فسيؤدي إلى مهل جديدة قد تكون هي الأخرى إشكالية.” وأضافت أن بنداً محورياً على جدول الأعمال قد يكون قمة طال الحديث عنها بين ترامب والرئيس الصيني شي جينبينغ، ربما على هامش قمة آبيك في كوريا الجنوبية في أكتوبر: “أعتقد أن هناك رغبة قوية في جمع ترامب وشي معاً خلال أسابيع قليلة، وهذا سيحتل أولوية على جدول الأعمال لكلا الجانبين.”