قمة الدوحة تندّد بالاعتداء الإسرائيلي على قطر؛ ومجلس التعاون يقرر تفعيل الآلية الدفاعية

الدوحة، قطر — عقدت قمة طارئة لزعماء الدول العربية والإسلامية في الدوحة أدانت بأقوى العبارات ما وصفته بـ«الهجوم الجبان» الذي شنته اسرائيل على قياديين في حركة حماس داخل العاصمة القطرية، فيما لم تُسفر المناقشات عن وعود بخطوات تنفيذية ملموسة.

نتائج القمة
افتتحها امير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الذي وصف القصف الإسرائيلي بأنه «صارخ وخائن وجبان»، وأشار إلى أن القيادات كانت تجتمع لمناقشة المقترح الأميركي الأخير لوقف إطلاق النار في غزة. من أبرز مخرجات القمة كانت تعهّد دول مجلس التعاون الخليجي بـ«تفعيل آلية دفاع مشترك»، وهو الإجراء الأكثر قابلية للتنفيذ حتى الآن من بين القرارات الصادرة.

دور مجلس التعاون
أوضح ماجد محمد الأنصاري، متحدث وزارة الخارجية القطرية، أن مشاورات جارية بين الهيئات العسكرية للدول الأعضاء لتقوية «قدرات الردع الخليجية»، وأنه من المقرر عقد اجتماع لقيادة عسكرية موحدة في الدوحة قريبًا. لم تُكشف تفاصيل إضافية حول آلية الدفاع الجديدة التي تُشير إلى أن أي اعتداء على دولة عضو يُعد اعتداءً على الجميع.

الاستنكار والشرعية الدولية
صدر بيان مشترك باسم الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي يدين الهجوم باعتباره «جبانًا ومخالفًا للقانون» ويعلن تضامنًا مطلقًا مع قطر ودعمًا لإجراءاتها. كما أشاد البيان برد قطر ومباركتها لدورها الوسيط بالتعاون مع مصر والولايات المتحدة، ورفض أي مبرر لمزيد من الاعتداءات أو التهديدات المتكررة باستهداف قطر.

المحاسبة واللجوء للمؤسسات الدولية
أكد المسؤولون القطريون عزمهم على استخدام الآليات الدولية لمساءلة إسرائيل، بالاستناد إلى القانون الدولي والمنظمات الدولية، مشيرين إلى خطوة الذهاب إلى مجلس الأمن والمنظمات العربية والإسلامية لتفعيل ضغوط دبلوماسية وقانونية. وقال ماجد الأنصاري إن الهدف منع تكرار اعتداءات على دول ذات سيادة.

يقرأ  هل يقف تيغراي في إثيوبيا على حافة صراع جديد؟ — أخبار آبي أحمد

قراءة أوسع للرؤية الإسرائيلية
حذّر أمير قطر من ما سماه «الرؤية التوسعية لاسرائيل» في المنطقة، مع تكرار الغارات على لبنان وسوريا واليمن واحتلال أجزاء من الأراضي السورية ورفض الانسحاب من جنوب لبنان. واعتبر أن طموح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بجعل المنطقة «محيطًا نفوذًا إسرائيليًا» وهم خطير.

مواقف ودعوات دولية
دعا جاسم محمد البدايوي، أمين عام مجلس التعاون، الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى استخدام نفوذ واشنطن على حليفتها الأقرب، إسرائيل، للحد من هذا السلوك، مؤكداً أن الشركاء الاستراتيجيين لديهم تأثير ينبغي أن يُبذل. وفي حين رفَضت القمة إعلان إجراءات اقتصادية أو سياسية فورية، طرح عدد من القادة مقترحات أقوى: رئيس تركيا رجب طيب أردوغان دعى إلى تضييق الخناق الاقتصادي على إسرائيل ومساءلة مسؤولين إسرائيليين عبر آليات العدالة الدولية، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اعتبر الاعتداء خرقًا جسيمًا للقانون الدولي ومقدمة خطيرة قد تقوض الاتفاقيات السلمية القائمة.

الخاتمة
على الرغم من بيانات الإدانة والتأكيدات على التضامن ووعد دول مجلس التعاون بتعزيز قدرات الردع، غاب عن القمة قرار واحد واضح يُلزم الدول باتخاذ خطوات عقابية فورية ضد إسرائيل، تاركًا مساحة للمتابعة الدبلوماسية والعمل عبر المحافل الدولية والآليات العسكرية والإقليمية لتنفيذ الالتزامات المتبادلة. كانت مصر أول دولة عربية تقيم علاقات دبلوماسية مع اسرائيل عام 1979.

وطالبت باكستان بدورها الأمم المتحدة بتعليق عضوية إسرائيل، ودعت إلى تشكيل قوة عمل عربية‑إسلامية. وقال رئيس وزراء باكستان شهباز شريف إن على هذه القوة «اتخاذ إجراءات فعّالة لدرء المخططات التوسعية الإسرائيلية».

ومن جهته أكد رئيس وزراء ماليزيا أنور إبراهيم أن «الاستنكار لوحده لن يوقف الصواريخ، والبيانات لن تُحرر فلسطين»، داعياً إلى فرض عقوبات صارمة وتعليق العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع إسرائيل.

يقرأ  وزارة العدل الأميركية تنشر نصوص مقابلات غيسلين ماكسويل

وفي وقت سابق من يوم الإثنين، دعا الرئيس الإيراني مسعود بيزشكيان الدول الإسلامية إلى قطع علاقاتها مع إسرائيل، مشدداً على ضرورة التحرك المشترك لمواجهة السلوك الإسرائيلي، لأن إسرائيل «انتهكت سيادة عدد من الدول العربية والإسلامية تحت ذريعة الدفاع عن النفس».

ووصفت أندريا ديسي، أستاذة مساعدة في العلاقات الدولية بجامعة روما، قمة الدوحه بأنها نقطة تحوّل في لهجة الدول العربية والإسلامية. وقالت لـ«الجزيرة»: «على المستوى الخطابي نلمس بدايات تقارب وتغيّر في النبرة والعقليات؛ والأفعال يجب أن تواكب هذا التبدّل». ورأت أن الحدث مهم لأن القادة اتفقوا على أن «هندسة الأمن الإقليمي بحاجة إلى تعديل؛ لا زلنا بعيدين عن ذلك، لكن ثمة حراك».

وبينما كانت القمة تُعقد في الدوحة، سافر وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو إلى إسرائيل للقاء بنيامين نتنياهو، الذي هدد مجدداً باستهداف قادة حماس إذا لم تطردهم قطر. لكن ترامب كرر يوم الإثنين تأكيده أن إسرائيل لن تضرب قطر مرة أخرى.

وقال الأنصاري إن قطر «تتواصل عن كثب مع إدارة ترامب». وأضاف أن رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني أجرى اجتماعات «ممتازة» في نيويورك خلال الأسبوع الماضي، وأن مناقشات حول الخطوات التالية بين الحلفاء ما زالت جارية.

ومن المتوقع أن يزور روبيو الدوحة يوم الثلاثاء.

أضف تعليق