في عام 2022 لاحظَت الفنانة مولي كربابل انتشار صور تبدو بشكلٍ مريب شبيهةً برسوماتها المميّزة لأفق حلب وصور الناشطين المنتفضين على نطاق واسع عبر النت.
سرعان ما أدركت أن شركات الذكاء الاصطناعي قد جَمعت أعمالها، إلى جانب مليارات الصور الأخرى المتاحة على الشبكة، لتدريب نماذج تحوّل كتل النص إلى صور. حين كتبت اسمها في برامج مثل دال-إي ودريمسوديو وستايبل ديفيوجن، أعادت هذه الأنظمة مقابلات مهتزة لنسخ من رسوماتها لمدينة حلب المدمّرة.
قالت كربابل لمجلة هايبِرالِرجيك: «إنه ليس تقليدًا جيّدًا. الهدف النهائي ليس أن يكون المنتج بمستوى الفن، بل أن يكون جيّدًا بما يكفي ليُدرَج في الصفحة، ليُستخدم من المستهلك، وليُستغنى عن العامل.»
اليوم أصبح برامج الذكاء الاصطناعي جزءًا متكاملًا من الفضاء الرقمي: تُجيب على الاستفسارات في محركات البحث باستنساخ خلاصات من مواقع أخرى، تكتب مقالات لطلاب يتجنّبون واجباتهم، وتتولى واجب الاستماع والمحادثة كما لو كانت معالجة نفسية افتراضية. وينتقدها كثيرون كذلك باعتبارها «تسرق كميات هائلة من الأعمال المحمية بحقوق الطبع والنشر»، فتقوّض سُبُل عيش الفنانين وتُفقدنا حاجة التفكير والإبداع بأنفسنا.
يسار: مولي كربابل مع رسوماتها لأفق حلب
يمين: دال-إي ينتج صورًا شبيهة عند مطالبة النظام بمحاكاة أسلوب كربابل
روّاد التكنولوجيا في وادي السيليكون حذّروا من أن الذكاء الاصطناعي سيصبح قريبًا لا مَفَرَّ منه في حياتنا اليومية، متوقعين أن يمحو نصف الوظائف الإدارية المبتدئة ويرفع معدل البطالة بين 10 و20% خلال السنوات الخمس المقبلة.
لكن تقدم تعلّم الآلة ليس حتميًا بالضرورة، وهناك فنانون يأملون في وقفه أو على الأقل تقييده.
في ليلة مطيرة أخيرًا في الحيّ السفلي الشرقي، قدّمت كربابل نقاشًا وورشة عمل بمشاركة المحرّر التقني إدوارد أونغوسو جونيور ومجموعة العمل التقني في الاشتراكيين الديمقراطيين بأمريكا، تحت عنوان «الفنانون ضدّ وحش الفوضى: كيف يُدمّر الذكاء الاصطناعي العمل الإبداعي وكيف نُقاوم».
رسالتهم كانت واضحة: الشركات الطامحة إلى ثروات طائلة عبر برمجيات الذكاء الاصطناعي تُفرِض هذه التكنولوجيا على جمهورٍ لا يدرك بالكامل الضرر الذي تُسبّبه عبر المراقبة الشاملة للمستخدميين والقضاء على أشكال العمل التي تمنح الإنسان رضًى روحيًا.
لقطات من عرض مولي كربابل «الفنانون ضدّ وحش الفوضى»
تشهَد كربابل بالفعل آثار الذكاء الاصطناعي على مجالها: عدد من الرسامين الذين تعرفهم كافحوا للحصول على عمل بينما تسعى شركات ومطبوعات لتخفيض التكاليف عبر توليد صور بواسطة أوامر نصية بدل أن تدفع أتعاب الفنانين أو المصورين. في 2023 نشرت رسالة مفتوحة تدعو الناشرين والمحرّرين والصحفيين إلى رفض استخدام برامج التوليد الآلي، وقد وقّع عليها أكثر من أربعة آلاف شخص.
«حين يستخدم مؤسسو الذكاء الاصطناعي مليارات الصور لتدريب برامجهم، فإن ذلك يتم من منطلق كراهية عميقة للعلوم الإنسانية»، قالت كربابل. «ازدراء العمل والجهد وكل ما يجعلنا بشراً — بالنسبة لوادي السيليكون هو مجرد عقبة واحتكاك.»
ومع ذلك استمرّت كثير من الشركات في استخدام الذكاء الاصطناعي لتحرير القصص، تحليل البيانات، وكتابة خلاصات عن أحداث رياضية أو أداء أسهم الشركات. وبعضها استند إلى التكنولوجيا لتمرير مبررات لتقليص الطواقم. الإدارة السابقة التي تقاربت مع رؤساء شركات التكنولوجيا وراوحت المقاومة لتنظيم هذه الشركات، احتفت كذلك باستخدام الميمات المولّدة آليًا لاستمالة ناخبين وأيضًا لدعم سياسات ترحيل نفذتها وكالات إنفاذ الحدود.
رأت كربابل وأونغوسو أن أفضل طرق المقاومة هي تشجيع المنظمات التي ينتمي الناس إليها، مهما صغُرت، على سنّ قواعد تحظر استعمال تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في مهام محددة مثل صياغة البيانات الرسمية، توليد الصور على وسائل التواصل، أو المساعدة في الحملات التسويقية.
وأشارت كربابل إلى أن العار الرقمي أحيانًا يكون رادعًا قويًا: عندما تستخدم شركة رسماً مولَّدًا آليًا في حملتها التسويقية، اقترحت سلاحًا قديمًا قدم النت نفسه — السخرية والنقد العلني على الشبكة.
«قل لهم إنه يبدو غير أنيق»، قالت. «رأيت شركات تتراجع بالفعل.»