سوق الفن البريطاني يخضع لتدقيق متزايد من قبل هيئة الضرائب والجمارك البريطانية (HMRC)، التي تشدد تطبيق قواعد مكافحة غسيل الأموال. التوجه الجديد لمكافحة المخاطر يترجم نفسه في موجة غرامات حديثة أُعلِن عنها في 10 يوليو، وتدلّ بشكل واضح على تحول أوجه الرقابة من إخفاقات التسجيل الإجرائية البسيطة إلى انتهاكات تشغيلية أكثر تعقيداً.
تُصدر الغرامات للمشاركين في سوق الفن — أي الشركات أو الممارسين الأفراد الذين يتاجرون أو يعملون كوسطاء في شراء أو بيع الأعمال الفنية حين تبلغ قيمة المعاملة الواحدة، أو سلسلة المعاملات المترابطة، 10,000 يورو أو أكثر — وتتركز الآن على قصور في تطبيق الضوابط العملية، مثل غياب تقييمات المخاطر، وعدم وجود سياسات وضوابط وإجراءات مناسبة، ونقص تدريب الموظفين، والتهاون في إجراءات العناية الواجبة، وعدم توثيق أو توقيت عمليات التحقق، وسوء حفظ السجلات.
إحدى الغرامات الأبرز كانت بحق صالة DYS44 في لندن، التي فرضت عليها HMRC مبلغ 158,679 جنيهًا إسترلينيًا بسبب سلسلة من أوجه القصور الإجرائية؛ من عدم إجراء تقييمات للمخاطر إلى قصور في الرقابة الداخلية وسجلات المعاملات. مدير الصالة، تاجر التحف القديمة تشيزاري لامبرونتي، قال لصحيفة الفن إنه اتخذ إجراءات جوهرية لتصحيح الوضع وضمان امتثالّ المعرض للتطورات التنظيمية لدى HMRC. وأضاف أن خبرته التي تفوق ستين سنة وثقته الشخصية في نزاهة جامعي الأعمال الفنية والمشاركين في السوق ساهمت في اعتقاده بأن نشاط المعرض كان منخفض المخاطر.
تغطي عقوبات HMRC الفترة من 1 أكتوبر 2024 حتى 31 مارس 2025. رينا نيفيل، مديرة استشارات مكافحة غسيل الأموال في شركة Corinth Consulting، لفتت إلى تسارع ملحوظ في وتيرة التنفيذ: «أُصدرت أكثر من 80 عقوبة في نافذة الستة أشهر هذه، مقارنة بـ61 عقوبة خلال العشرين شهراً السابقة».
لا تزال كثير من الغرامات تتعلق بتأخيرات في التسجيل، غير أن نسبة متزايدة منها تعكس خروقات أكثر تعقيدًا. على سبيل المثال، فُرِضت غرامة بقيمة 28,500 جنيهًا على معرض Atlas لعدم إبلاغ HMRC بتغيُّرات جوهرية في نشاطه التجاري، علماً أن المعرض امتنع عن التعقيب. من جانبها أكدت HMRC أن الامتثال يتجاوز مسألة التسجيل وحدها وأن على الشركات أن تحافظ على أنظمة وضوابط راسخة لمنع سوء الاستغلال الجنائي، كما التزمت بالعمل مع أصحاب المصلحة في القطاع لرفع مستوى الوعي وفهم الالتزامات التنظيمية.
حجم الغرامات في ازدياد أيضاً: في مطلع 2024 كانت غرامات متعلقة بالتسجيل بمتوسط يزيد على 3,000 جنيه إسترليني (نحو 4,000 دولار)، فيما بلغ المتوسط الأخير 6,900 جنيهًا (نحو 9,200 دولار)، وتجاوزت بعض الغرامات 23,000 جنيه (نحو 31,000 دولار). أعلى عقوبة فاقت 150,000 جنيه (نحو 200,000 دولار)، وحتى المخالفات الصغيرة غير المتعلقة بالتسجيل عادة ما تتخطى الآن 1,200 جنيه (نحو 1,600 دولار).
شدد توم نون، الرئيس التنفيذي لمنصة العناية الواجبة Arcarta، على ضرورة المراقبة المستمرة للبيانات: «يجب على المشاركين إعادة فحص معلومات العملاء بشكل دوري. دورة تحديث كل ثلاثة أشهر تُعد حدًا أدنى معقولًا، خصوصًا للعملاء ذوي المخاطر العالية». من جهته أعرب بول هيويت، المدير العام لجمعية تجار الفن في لندن، عن قلقه من أن بعض العقوبات تبدو تقنيا إجرائية وبيروقراطية أكثر منها ذات أثر عملي؛ ومع ذلك، وبالنظر إلى تصاعد قيمة الغرامات، يتضح أن HMRC تختبر الآن بجدية مدى قدرة المشاركين في سوق الفن على إدارة مخاطر مكافحة غسيل الأموال بما يتوافق مع التوقعات.