وانغ شوي رحلة بحث عن الحب عبر الذكاء الاصطناعي واللوحات التجريدية

غالباً ما يُنظر إلى الفنانين الذين يعملون مع التكنولوجيا على أنهم مهووسون محجورون في استوديوهات عامرة بالأجهزة والأسلاك، لكن وانغشوي يصوغ صورتهم بصورة مختلفة: ليس مجرد هاوٍ للتقنيات بل ناسك يحمل رؤية رومانسية للعالم. «بالنسبة إليّ، الفن مشروع روحي، وكان كذلك دائماً بغض النظر عن الأدوات التي استخدمتها»، قالوا خلال زيارتي لاستوديوهم في نيويورك أوائل هذا العام.

كمثال عملي، أشاروا إلى أعمالهم في بينالي ويتني 2022. في قاعة قاتمة عرضت لوحات ألومنيوم ضخمة دُهنت بضربات زيتية رفيعة زرقاء تشبه خيوط العنكبوت، وفوقها شاشة LED كبيرة تُظهر صوراً تجريدية مستوحاة من الفطريات وخلايا سرطانية ومواد أخرى ولّدتها نماذج تعلّم آلي. إنجاز العمل المعنون Scr∴pe II (Isle of Vitr∴ous) تطلب تقنيات ناشئة، ومع ذلك حين شرعوا في دهن الألواح في حظيرة بمزرعة أبستيت نيويورك، لم تكن هناك حتى شبكة الانترنت.

الزوار عادةً ما يصابون بصدمة من التباين بين الأعمال ومكان تنفيذها، كما قالوا: «الاختلاف في المكان جزء أساسي من المشروع؛ الحفاظ على مسافة ثم استيعاب التكنولوجيا والمعلومات يولّد حالة من اليقظة المفرطة أمام تدفّق مستمر وغير مقصود». هذه المسافة تُمكّنهم من التأمل وقراءة انعكاسات الذهن في المدخلات الآلية.

وقد يرجع ذلك إلى أن المشاهد قد لا يدرك أبداً مشاركة الذكاء الاصطناعي في إنتاج بعض أعمالهم. في بينالي البندقية 2024 قد تُخدع على أن تلك العلامات الطيفية الشبيهة بالمخالب والأعصاب هي من نتاج اليد وحدها. تماماً كما في ويتني، صيغت تراكيب اللوحات اعتماداً على أنظمة تعلّم آلي ثم تُرجمت يدويّاً إلى ألواح ألومنيوم غطّت نوافذ مضيئة في غرفة أرزينالي. وصفوا هذه المرحلة بأنها «رحلة» لفهم كيف يمكن للتعلّم الآلي أن يعكس وعينا.

«لم أكن مهتماً بما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي أو بمقارنة البشر بالآلات»، أوضحوا. «المسألة: ماذا يمكن أن يُظهر لنا عن الوعي لم نكن نعرفه؟» أضافوا أن الذكاء الاصطناعي أداة أخرى إلى جانب الطلاء الزيتي والألواح المعدنية، وأكدوا أنها «قد تُستغل للدمار والعنف، لكنها قادرة أيضاً على شيء كالشفاء».

يقرأ  «إجازة مرضية أم كذبة مريضة؟»عندما لا يستطيع المعلمون حتى الإبلاغ عن غيابهم لو كانوا أمواتاً

أحد تجليات هذا الفكر يَعْرض حالياً في SITE Santa Fe الدولي، حيث غطّى وانغشوي، بالتعاون مع صديقتهم مريم حسيني، واجهة الزجاج بموجات من الزيت الأحمر والحبر الأسود. العمل المعنون The Demon and the Muse (DM) يرمز إلى التآزر والنمو المتبادل—اندماج يضم أساليب الفنانين مع أشكال أفعوانية رقمية عادت من لوحات سابقة لوانغشوي. حسب قولهم، تمثل الأفعى «تدفّق البيانات» الذي قد يكون عنيفاً لكنه قادر أيضاً على فعل الخير.

سيسيليا أليماني، أمينة المعرض في SITE Santa Fe، رأت أن العمل ليس مجرد احتفاء بالصداقة والتعاون، بل أيضاً دفعة لممارسة الفنانين إلى مستوى جديد، مُشيدة بدمجه للعالمين: التكنولوجيا والجسد، الرقمي والتماثلي.

هذا المزج بين الرقمي والتماثلي جعل أعمال وانغشوي محل اهتمام محافظين متعدّدي الاهتمامات؛ فشارك في معرض جماعي في كوبنهاغن حول الهمانويد، وقد أُبرز في عرض فردي مطوَّى في ستوديو ساي توومبلي السابق بإيطاليا عبر مؤسسة إيريس، وبرز أيضاً في معرض غوغنهايم 2023 «Going Dark» حول حالات شبه الاختفاء. كما شارك في معارض عن الفن الكويري لفنانيّين آسيويين وعن مستقبليات ما بعد الإنسان، ومن المنتظر أن يَعرض في 2026 ضمن معرض واسع عن الفن والتكنولوجيا في المتحف الجديد.

العمل يكتسب جاذبية غامضة ويفسح مجالاً واسعاً للتأويل. في عرضهم 2024 لدى Kurimanzutto في نيويورك، قدموا تجريدات مراوِغة مؤطّرة بإطارات شوكية عُرضت دون بيان صحفي يشرحها؛ اللوحات كانت «بورتريهات» قيل إنها هدايا لحُبَبٍ سابقين وأصدقاء حاليين، بعضها كذكرى لكلب صديق متوفى. الإطارات صُنعت بأسلوب «تاج الشوك» والخانات المربعة للّوح صممت لتردّد شكل البكسلات. «أحببت فكرة تجسيد أصدقائي كشخصيات قدّيسة في حياتي»، قالوا.

ولكنهم عمداً لم يوفّروا هذه التفسيرات للجمهور؛ فسألتهم عن السبب. ردّوا بينما كانوا يدلّكون كلبهم أوراكل الذي كان يتجوّل بين الألواح الجارية: «أردت أن تكون التجربة حسيّة؛ اللغة اليوم تتحكّم بشكل مفرط بتلقيّنا للفن وتمنع الحضور مع العمل. تجربتي كانت: ماذا يحدث لو حَذفنا اللغة—ليس فقط عن الجمهور بل حتى عنّي؟».

يقرأ  إيبيروس تبيع دار بونهامز إلى شركة بيمبرتون لإدارة الأصول

تحضيراً لعرض قادم في وايت كيوب بلندن، تأملوا في ظواهر يصعب تفسيرها. اهتموا بما يسميه الناس «القشعريرة» أو غرز الجلد—piloerection—وهي استجابة لنشوة بصرية أو سمعية. يخوضون صنع لوحاتهم وهم يشعرون بتلك القشعريرة أثناء حكّ أعواد سنّ الأسنان على الألومنيوم ثم تَنْعيم آثارها بورق الصنفرة. «إن تحدّث مع أحد أثناء صُنع لوحة فإنه يملّ،» قالوا ضاحكين، «لكن بالنسبة إليّ تلك اللحظة هي الأفضل».

لم يبدأ وانغشوي كرسّام بالأساس. من مواليد 1986 في دالاس، درسوا الأنثروبولوجيا الاجتماعية والفن في جامعة كاليفورنيا بيركلي ثم اتجهوا لصناعة الفيديو خلال دراستهم لنيل الماجستير في كلية بارد. كانت فيديوهاتهم المبكرة مباشرة وواضحة، من بينها عمل من 2018 يركز على أبراج الرفاه في هونغ كونغ وعلاقتها بالصين القارية. لكنهم قالوا: «حتى وأنا أصنع الفيديو كنت أفكر في الرسم». أثناء الجائحة تقاعدوا عملياً وبدأوا في الرسم.

أولى لوحاتهم انبثقت عن مشاهد مقتطفة من برنامج المواعدة The Bachelor على قناة ABC؛ بدل التركيز على حفلات الورود والعلاقات المثيرة، التقطوا أشجاراً وخلفيات غير مُحدَّدة. لم تُستخدم أيّة خوارزميات في تلك البدايات، لكن بعد إنجازها أدخلوا صور تلك القطع الخمسة في نظام تعلّم آلي ليُصبح مصدر شيفرة لأعمال لاحقة. كانت تلك الخطوة مولّدَة على أكثر من صعيد: «أقول إن التعلّم الآلي كان بداية ممارسة الرسم لديّ»، هكذا وصفوا القرار.

منذ ذلك الحين توسعوا إلى وسائل أخرى مثل الأداء؛ فقد قدّموا عمل Atlacoya, La Culebra في بينالي البندقية الماضي، متأثراً بالحرب الإسرائيلية على غزة، وبالتعاون مع ألبرتو بوستيرمانتي، في استكشاف للحب من زوايا كوانتية واجتماعية. أرادوا أن يطرحوا سؤال: ماذا يمكنني أن أقدّم للعالم الآن؟ كان العمل، المستوحى من زيارة لغرفة عازلة للصوت، أشبه بأوبرا طقسية تستدعي معرفة ما قبل الاستعمار، مع أزياء صممتها باربارا سانشيز-كانِي، وهي أيضاً مشاركة في بينالي 2024 وصديقة لهم.

يقرأ  تدقيق الحقائق: رسم بياني متداول عن العِرق والإثنية لمستفيدي طوابع الطعام في الولايات المتحدة — أخبار الحكومة

كان الأداء تقنياً تماثلياً رغم قربه من لوحاتهم الرقمية وشبكة LED كأنها تتنفس. قالوا إن كل ذلك جزء من مسعى لفهم التعاطف: «أصبح هوسي العميق؛ إنه الطور الخلاّص من كل هذا العنف. إنه الشيء الوحيد القادر على إنقاذنا».

أضف تعليق