إقالة رئيس المحكمة العليا الغانية على خلفية اتهامات بإساءة استخدام الأموال العامة

أقال الرئيس الغانِي جون ماهاما رئيسة المحكمة العليا، جَرترود توركورنو، بعد توصية لجنة تحقيق عينها بِناءً على شكاوى قُدِّمت ضدها. كانت القاضية مُعلّقة عن العمل منذ أبريل إثر ثلاث عرائض تقدّم بها أفراد طالبوا بالتحقيق في سلوكها.

وخلصت اللجنة، التي شكَّلها الرئيس، إلى أن «أسباب السلوك المذكور… قد توافرت» وأنه يجب إزالتها من منصبها، وفق بيان صدر عن رئاسة الجمهورية يوم الاثنين. القاضية نفت الاتهامات ووصفتها بأنها لا أساس لها ومحفوفة بدوافع سياسية.

ذكرت الرئاسة أن على ماهاما التقيُّد بتوصيات اللجنة، بينما يرى منتقدون أن القرار يُشكّل سابقة مقلقة قد تضعف استقلالية السلطة القضائية. خلال تحقيقها، راجعت اللجنة نحو عشرة آلاف صفحة من الأدلة واستمعت إلى 13 شاهداً نيابةً عن مقدم العريضة دانيال أوفوري. القاضية أدلت بشهادتها واستدعت بدورها اثني عشر شاهداً من بينهم خبراء.

لم تُستكمل بعدا بقية العرائض الأخرى المقدمة ضِدّها. وبناءً على نتائج اللجنة، أُزيلَت السيدة توركورنو أيضاً من عضوية المحكمة العليا.

خلص التحقيق إلى وجود أدلة على إنفاق غير قانوني لأموال عامة مرتبط بالسفر الخاص للقاضية؛ حيث تُشير التقارير إلى أنه تمّ صرف بدلات لزوجها وابنتها من موارد عامة خلال رحلة خاصة إلى تزانيا في 2023 ورحلة أخرى إلى الولايات المتحدة برفقة ابنتها.

كما وُجهت إليها اتهامات بالتدخل في التعيينات عبر التحايل على إجراءات اختيار قضاة المحكمة العليا وإساءة استعمال السلطة في نقل موظف قضائي.

توركورنو، ثالث امرأة تشغل منصب رئيسة القضاء في غانا، رشّحها الرئيس السابق نانا أكوفو أدو عام 2023. وهي أول رئيسة قضاء جارية يجري التحقيق معها ثم تُنهي مهامها بهذه الصورة.

يتمتع رؤساء القضاء في غانا بأمن وظيفي، ما يعني أن الإقالة لا تكون إلا لأسباب محددة منها عدم الكفاءة أو سوء السلوك. ومع ذلك، رفض ممثلوها القانونيون أسباب الإقالة واعتبروها غير مؤسسة.

يقرأ  كيف قد تُحدث إسرائيل مجاعة في غزة في القرن الحادي والعشرين؟ — أخبار الصراع الإسرائيلي الفلسطيني

في أبريل ندد حزب الوطنيّة الجديدة المعارض بتعليقها واعتبره مطاردة سياسية ومحاولة لتقويض استقلال القضاء. كما باءت محاولة الطعن في إجراءات الإقالة بعدة دعاوى قضائية بالفشل.

سبق للقاضية أن نجت من طلب إقالة أثناء ولاية أكوفو أدو، الذي وصف العريضة بأنها «تحوي نواقص عدة». كما اتهمتها الحزُب الحاكمة السابقة بالتحيّز في بعض أحكامها حينما كانت تلك الأحزاب في المعارضة.

ألفريد توح-يبوح، النائب العام السابق، انتقد قرار الإقالة واعتبره «سابقة خطيرة»، مشيراً إلى أن العريضة التي قرأها لم تَحمل أسباباً كافية لتبرير العزل. وقال: «إذا كان العتبة هي ما ورد في العرائض، فأخشى على مستقبل الجهاز القضائي».

السلطة القضائية مؤسسة مستقلة دستورياً، لكن الدستور يسمح بآليات رقابية للحفاظ على توازن السلطات. يخشى المنتقدون أن تؤدي إقالة توركورنو إلى تقويض هذا الاستقلال وإتاحَة نفوذ مفرط للسلطة التنفيذية على القضاة، ما قد يؤثر سلباً في ثقة الجمهور بالنظام القضائي ويُفقد مبدأ تكافؤ الفرص أمام العدالة.

دعا ويليام نياركو، المدير التنفيذي لمركز أفريقيا للقانون والمساءلة، إلى مراجعة التشريع الخاص بإجراءات عزل رئيس القضاة، مشيراً إلى أن القانون الغاني لا يَعرّف بدقة مفهوم «السلوك المذكور»، ما يفتح المجال لتأويلات متباينة وربما لاستغلال سياسي. واستشهد نياركو بكينيا كنموذج تبدأ فيه العملية عبر لجنة الخدمة القضائية للحفاظ على فصل السلطات بين المؤسستين.

لا تزال لدى القاضية المصرَفة فرصة للطعن في قرار إقالتها أمام المحاكم، وإن كانت احتمالات حصولها على حكم مُرضٍ تظل غير مؤكدة.

أضف تعليق