أصدرت مؤسسة Discovery Education تقريرًا واستطلاعًا جديدين يسلطان الضوء على عامل جوهري في نجاح المتعلّم: المشاركة الطلابية. يخلص التقرير إلى أن المشاركة ليست مجرد خيار، بل هي المحرِّك الأساس الذي يفعّل أي مناهج أو أدوات تعليمية أو ممارسات تربوية.
تشير النتائج إلى أن أعلى مستويات المشاركة تسجَّل في المرحلة الابتدائية، ثم تهبط بشكل ملحوظ في المرحلة الإعدادّية، قبل أن ترتدّ قليلاً في المرحلة الثانوية. ويرجّح التقرير أن ارتفاع المشاركة في الثانوية مرتبط بزيادة الاستقلالية، ومردودية المقررات، وتطوّر الهوية الذاتية لدى المراهقين — وهو انسجام مع أطر تنموية مثل نظرية تحديد الذات التي تربط بين الاستقلالية والكفاءة والملاءمة وزيادة الدافعية الذاتية عندما يبدو التعلم ذا معنى أو موجهًا نحو المستقبل.
يكشف التقرير كذلك عن فجوة بين ما يرى المعلمون كمؤشرات على المشاركة وما يبلغه الطلاب عن تجربتهم. فالمعلمون عادةً ما يقيسون المشاركة عبر المشاركة الكلامية والأنشطة الصفية، بينما يرى كثير من الطلاب أن هذه المقاييس لا تلتقط أشكالًا داخلية وصامتة للمشاركة، مثل التأمل أو الخيال أو التوجيه الذاتي. نتيجة لذلك، قد يُفهم هدوء الطالب أو انغماسه الداخلي خطأً كعدم اهتمام أو تبلد، بينما يكون في الواقع شكلًا آخر من أشكال التفاعل المعرفي.
يوضّح التقرير أن نحو 80٪ من المعلمين يعتقدون أن الطلاب كثيرًا ما يشتتون الانتباه، مقابل أقل من نصف الطلاب الذين يقرّون بذلك، ما يدل على سوء تطابق في الملاحظة والتفسير. كما ثَمَّت فجوة 22 نقطة بين تقدير الطلاب لأهمية المشاركة الكلامية وبين تكرارهم الفعلي للمساهمة شفهيًا — وهو دليل على أن عوامل اجتماعية مثل الخوف من حكم الأقران أو الخجل أو القلق من الخطأ تعوق التعبير الشفهي، دون أن تعني غيابًا للمشاركة الحقيقية.
وتبرز أيضاً مسألة الدافعية: بينما يرى قادة المدارس ونسبة كبيرة من المعلمين أن الدافعية المنخفضة تمثل عائقًا رئيسًا للمشاركة، يرد الطلاب بأن دوافعهم الداخلية — كالإشباع الشخصي والاهتمام بالموضوع — هي الأكثر تأثيرًا، إذ يؤكّد 86٪ منهم أن الإشباع الذاتي محفّز قوي للعمل المدرسي. من هذا المنطلق، يخلص التقرير إلى أن المعلمين والمؤسسات التعليمية يمكنهم زيادة المشاركة عبر تصميم دروس ومهمات أكثر تحديًا وصلتها الشخصية بالطلاب.
يحذّر التقرير أيضاً من أثر الأنشطة المدرسية المبنية على الامتثال، وبخاصة الواجبات المنزلية الآلية، التي تُدخل الطلاب في ما يسميه الباحثون “وضع الركاب”: أداء مهام بشكل سلبي دون مبادرة أو ارتباط معرفي، ما يؤدي مع الزمن إلى الشعور بالإرهاق والملل وفقدان الهدف وازدياد الانسحاب.
أما ما يحتاجه المعلمون عمليًا لرفع مستوى المشاركة، فيذكر التقرير رغبتهم في مزيد من الوقت للتحضير وفرصًا أكبر للاستثمار المباشر في تحفيز الطلاب داخل الصف. وعلى نحو متّسق، يرى جميع أصحاب المصلحة أن نقص الموارد يمثل حاجزًا أساسيًا: نحو 84٪ من المعلمين و80٪ من المدراء و95٪ من المسؤولين في الإدارات يشدّدون على هذا القيد، بينما يقرّ 81٪ من الطلاب و79٪ من الأهالي بوجوده. هذا النمط المتكرر يبيّن أن محدودية الموارد تُعيق قدرة المدارس على تعزيز مشاركة أعمق لدى الطلاب.
الخلاصة العملية بسيطة وواضحة: المدارس بحاجة إلى مزيد من التمويل، والمعلمون بحاجة إلى وقت أكثر، وكل الأطراف بحاجة للعمل على استثمار الدوافع الداخلية للطلاب من خلال مناهج تتسم بالصلة والتحدّي والوجاهة الشخصية. ومع ازدياد مصادر الإلهاء في العصر الراهن، يصبح التأكيد على ما ينجح فعلًا داخل الصف — أي الدافعية والمشاركة الحقيقية — أمرًا أكثر إلحاحًا، لأن القليل من الإجراءات التربوية يثمر إن لم تكن المشاركة الطلابية حاضرة ومتحرِّكة. ويبدوأن الاهتمام بالمشاركة ليس ترفًا بل شرطٌ أساسي للتحصيل والتعليم المستدام. لم تقم بإرفاق أي نص. أرجو لصق النص الذي تريد إعادة صياغته وترجمته إلى العربية، وسأباشر العمل فور توافره.