تنزانيا تتجه إلى صناديق الاقتراع في انتخابات يُتوقَّع أن تضمن استمرار الحزب نفسه في السلطة بعد سبعة عقود من الحكم

نيروبي، كينيا (أسوشيتد برس) — يحكم الحزب الحاكم في تنزانيا البلاد منذ 64 عاماً، وغالباً كان ذلك من دون معارضة جادة طوال فترات طويلة من تلك الحقبة.

ومن المتوقع أن يستمر هذا الوضع حين يتوجه التنزانيون إلى صناديق الاقتراع يوم الأربعاء في اقتراع يرى كثيرون أنه سيمنح الفوز للرئيسة سامية سولوهو حسن، التي كانت تشغل منصب نائبة الرئيس وانتقلت تلقائياً إلى سدة الرئاسة في 2021 بعد وفاة سلفها.

رغم أن تنزانيا تعد نظاماً تعددياً بأحزاب متعددة، إلا أن نسخةٍ من سلطة حزبية واحدة — حزب تشاما تشا مابيندوزي (حزب الثورة) — ظلت تمارس السلطة منذ استقلال البلاد عن بريطانيا عام 1961.

البلد، الذي يبلغ دخل نصيب الفرد فيه نحو 1200 دولار سنوياً، يمثل استثناءً في إقليم تتراجع فيه شعبية أحزاب التحرر ويبحث الشباب عن بدائل في صفوف أحزاب معارضة نشطة تطالب بتغيير سياسي.

السلطات في بلد يضم نحو 68 مليون نسمة شنت حملات قمع ضد زعماء المعارضة ومجموعات المجتمع المدني والصحافيين وغيرهم، في ما وصفتها منظمة العفو الدولية بـ«مناخ من الخوف» قبيل الانتخبات العامة لاختيار الرئيس والنواب ومسؤولين محليين آخرين.

تحدّت حسن، التي تعد سادس رئيس لتنزانيا وأول امرأة تتولى المنصب، التوقعات المبكرة التي رجحت أنها ستتبنى نهجاً مختلفاً عن النهج القمعي للرئيس السابق جون بومبي ماجوفولي، الذي تميّز بالسلطوية ومنع مجموعات المعارضة من تنظيم حملات خارج أوقات الانتخابات.

لكن كثيرين من الناخبين يشعرون بخيبة أمل بسبب تعميق الممارسات السلطوية في ظل حكمها. ويشير بعض المنتقدين إلى أن الأحزاب المعارضة المسموح لها الظهور في القوائم لم تخض حملات انتخابية فعالة، بل بدا بعض المرشحين المعارضين وكأنهم يلوحون بمباركة غير مباشرة لترشح حسن.

يقرأ  دليل سريع للتقويم التكويني«تيتش ثوت»

بلا منافس يذكر

سيختار الناخبون بين حسن و16 مرشحاً آخرين. لكن اثنين من أبرز المنافسين لحسن، توندو ليسو عن حزب تشادما ولوهاجا مبينا عن حزب ACT-وازاليندو، ممنوعان من الترشح للرئاسة التنزانية.

ليسو، الزعيم الكاريزمي للمعارضة بعد عودته من منفاه الأوروبي عقب محاولة اغتيال تعرّض لها عام 2017، يقبع الآن في السجن بتهم خيانةِ الدولة يقول إنها ذات دوافع سياسية. كما اعتقلت الشرطة جون هيشي، نائب زعيم تشادما، أثناء حضوره محاكمة ليسو بتهمة الخيانة.

بينما يقبع منافسوها الرئيسيون في السجون، تجوب حسن البلاد في حملة انتخابية تعد بالاستقرار والازدهار لآلاف المزارعين والعاملين في القطاع الزراعي. وشعار حملتها «العمل والكرامة» يرتكز على فكرة أن ذلك يمكّن البلاد من التقدّم.

حزبها CCM، الذي يحافظ على علاقات مع الحزب الشيوعي الصيني، لديه قاعدة مؤيدة في أجزاء من البلاد، وإن تراجع نصيب الحزب من الأصوات الشعبية تدريجياً مع تصاعد حجج المعارضة المطالبة بالتغيير.

مع ذلك، يتجه CCM إلى الاقتراع عملياً بلا منافسة حقيقية، كما قال نيكوديموس ميندي، باحث تنزاني في معهد دراسات الأمن بجنوب أفريقيا.

من المتوقع أن يكون الإقبال على التصويت منخفضاً، وهو اتجاه مستمر منذ عام 2010، لا سيما مع توقع فوز CCM باعتباره أمراً مفروغاً منه، كما كتب في تحليل لمجموعته. «قد ترتفع حالة اللامبالاة بين الناخبين بسبب أثر استبعاد الحزبين المعارضين الرئيسيين»، أضاف.

وحذّر من أن انتخاب تنزانيا هذا يشكل «مخاطرة كبيرة بتعزيز الممارسات السلطوية بدلاً من تعزيز الحوكمة الديمقراطية».

ورفضت المعارضة نتيجة ذلك، ودعت إلى احتجاجات يوم الاقتراع.

مخاوف من اضطرابات

يصر حزب تشادما، الذي استبعد من المشاركة في العملية الانتخابية، على أنه لا يمكن إجراء اقتراع شعبي حقيقي من دون إصلاحات ترى أنها ضرورية لانتخابات حرة ونزيهة.

يقرأ  مقطع صُوّر خلال احتجاجات نيبال يُساء تداوله على أنه حريق في دكا

وبحسب ما قاله بعض الناخبين لأسوشيتد برس، فإنهم يخشون تهديدات تنال السلم الاجتماعي جراء الانتخابات، خصوصاً بعد تصريحات من السلطات بأنها لن تتسامح مع أية اضطرابات ناجمة عن تظاهرات محتملة.

كثيرون يقولون إنهم يشعرون بخيبة أمل إثر أساليب قمعية تشمل اعتقالات تعسفية واختطافات من قبل أشخاص مجهولين. كما يخشى بعضهم أن تعد الحكومة لقطع الإنترنت قبل التصويت.

«يجب أن يسود السلام حتى تجرى الانتخابات بسلاسة»، قال جوشوا جيرالد، من سكان العاصمة التجارية دار السلام، وطلب عدم ذكر اسم العائلة لأسباب أمنيية. «فبدون السلام قد يسود الفوضى أو الخوف، وقد يعجز الناس عن ممارسة حقوقهم الديمقراطية.»

نويل جونسون، ناخب شاب آخر في المدينة، قال إن «الحكومة تحتاج إلى حماية حقوقنا الدستورية، وخصوصاً الحق في التظاهر لأننا غير راضين عن مجريات العملية الانتخابية الجارية.»

حثّت حسن الناخبين على التوافد بأعداد كبيرة، مؤكدة أن السلام سيبقى، لكن المخاوف من اضطرابات محتملة لا تزال قائمة.

وقال ريتشارد مبوندا، عالم سياسة بجامعة دار السلام، لأسوشيتد برس إن السخط العام قد يدفع البلاد نحو حالة عدم استقرار. «هناك مؤشرات واضحة على توتر»، قال مبوندا.

وحذّر من أن حتى دولة تبدو مستقرة مثل تنزانيا معرضة للانزلاق نحو الاضطراب إذا بدت السلطات متعالية. «وينبغي أن يكون خطاب المصالحة المتكرر في الحملات صادقاً»، أضاف. «هناك حاجة إلى حوار. الانتخابات صحيحة قانونياً لكنها تفتقر إلى الشرعية السياسية.»

___

محمد محموزا أعد التقرير من كامبالا، أوغندا. وشارك كتاب من أسوشيتد برس في دودوما ودار السلام في إعداد هذا التقرير.

أضف تعليق