جذورُ تعليمِ التفكيرِ النقديّ تنطلقُ من الطالبِ

الخطوة الأولى لمساعدة المتعلمين على أن يفكّروا بأنفسهم قد تبدأ بمساعدتهم على إدراك هويتهم ومكانهم ومعرفة ما عليهم أن يعرفوه استجابةً لذلك.

نقطة أساسية: إذا أردنا أن يتبنّى الطلاب التفكير المستقل — أن يصمّموا تفكيرهم ويُفَرّعوه — فلا بد أن يبدأ التفكير ويتوقف عند نقاط محدّدة. عادةً يبدأ ذلك بهدف تعلّمي يحدّده المعلم وينتهي بتقييم لمدى تحقيق الطالب لذلك الهدف. هذه المقاربة تغيّرُ إطار العمل من التركيز على المحتوى كغاية إلى جعل التفكير والبحث عن الحكمة وسيلة للانطلاق نحو المحتوى.

إطار للتعلّم الذاتي الموجّه

ابتُكر إطار للتعلّم الذاتي الموجّه ليُساعد الطلاب على وضع مسارات تعلمية خاصّة بهم، عبر تساؤلهم عمّا يستحقّ الفهم لماذا هو مهم بالنسبة لهم. يقوم هذا الإطار على فرضيتين رئيسيتين: الأولى أن الحكمة — أي معرفة ما يستحق الفهم — أهمّ من الإلمام بالمحتوى وحده. والثانية أن التطور التكنولوجي أتاح بيئة يمكن أن تدعم السعي وراء الحكمة ثم إتقان المحتوى.

هذا لا يعني رفض المعايير أو السياسات، بل إعادة ترتيب الأولويات: من التركيز على إثبات الإتقان المستمر لمحتوىٍ محدَّد، إلى تمكين الطالب من اختيار ما يدرسه وكيف ولماذا.

أُركان الإطار (فكرة كبرى: تشجيع التعلّم الذاتي والنقدي)

يتألف الإطار من ستة محاور أساسية:

1. الذات: من أنا؟ ما الانتماءات المدنية أو الاجتماعية التي أتحمّل مسؤوليتها، وماذا يُشتَرط أن أفهم نتيجةً لذلك؟
2. السياق: ما ظروف وسياقات هذا الموضوع أو الفكرة؟ كيف تتغير دلالتها حسب المكان والزمان والمقصد؟
3. التنشيط: ما الذي أعرفه أنا أو يعرفه الآخرون عن هذا الموضوع؟ ما المعلومات والافتراضات المبدئية؟
4. المسار: ما الموارد، والأدوات، واستراتيجيات التفكير التي تناسب طريقتي في التعلم؟
5. التوضيح/التنقيح: استنادًا إلى ما تعلّمته حتى الآن، كيف أعدل خطّتي أو سلوكي في التعلم؟
6. التطبيق: ما التغييرات السلوكية والمعرفية التي ينبغي أن تطرأ عليَّ نتيجة الفهم الجديد؟

يقرأ  مقتل ١٠٥ أشخاص في هجوم إسرائيلي على غزةمن بينهم أطفال وصحفيون — أخبار حقوق الطفل

معرفة الذات كنقطة انطلاق

1) ما الذي يستحق أن أفهمه؟
من بين كل الأفكار والظروف التي تواجهها يوميًا، أي منها يستحق استثمار الوقت والجهد للفهم العميق؟ ما المعارف والمهارات التي ستخدمك في حياتك اليومية وفي تحقيق أهدافك القريبة والبعيدة؟ وكيف نفرق بين الترفيه، والاهتمام عرضيًّا، والفضول، والشغف الدائم؟

2) ما المشكلات أو الفرص الواقعة في متناول يدي؟
قد يكون حلّ مجاعة عالمية هدفًا نبيلًا لكنه ليس بالضرورة هدفًا فوريًا متاحًا للفرد في اللحظة الراهنة. ما الذي يمكنك فعله الآن ليقربك من هدفك الأكبر؟

3) ما المشكلات والحلول الهامّة التي سبق للآخرين أن صنعوها؟
فهم الترابط والتداخُل بيننا كأُسَر ومجتمعات ودول يمكن أن يساعد في تمييز الأنماط والاتجاهات التي تفسّر أين كنا وإلى أين نتّجه. ما إنجازاتنا المشتركة (شعر، رحلات فضائية، حقوق إنسان)؟ وما إخفاقاتنا (فقر، عنصرية، أضرار بيئية)؟ وبناءً على ذلك، كيف أستجيب؟

4) أي انتماءات وإرثٍ أرتبط به وما الذي تقتضيه هذه العضوية من فهم وسلوك؟
إلى أي جماعات أنتمي — عائلة، مجتمع محلي، وطن، مهنة — وكيف أُعبّر عن هذه العضوية من خلال معرفتي وتصرفي؟

أمثلة افتراضية لردود طلابية:
– أنتمي إلى عائلة معروفة بالتصوير والفن؛ كيف أُعبّر عن ذلك أو أكمل إرثهم؟
– أسكن في حي تدهورت خدماته بسبب قُلة المشاركة المدنية؛ ما دوري في التغيير؟
– أحب وسائل التواصل لكني قلق من أثرها على صورتي الذاتية؛ ما الإجراءات التي أتخذها؟
– أنا من دولة/مدينة معيّنة؛ كيف يؤثر هذا الانتماء على مسئولياتي وفهمي للعالم؟
– أواجه ظروفًا شخصية (فقر، قلق، وحدة، ثقة)؛ كيف أستثمر فهمي لتلك الحالة في تحسين وضعي؟

خلاصة موجزة: يبدأ التفكير المستقل بمعرفة الذات والسياق، ثم بتصميم مسارات تعلمية تراعي الموارد والغايات، وأخيرًا بتقييم التطبيق والتغيير. الهدف أن لا يكون التعلم مجرد استظهار للمحتوى، بل عملية مقصودة تقود إلى حكمة وفعالية في العالم.

يقرأ  واشنطن تفرض عقوبات على مسؤولين صحيين برازيليينبسبب بعثات طبية كوبية في الخارج — أخبار دونالد ترامب

أضف تعليق