«غروكيبيديا»: مشروع إيلون ماسك المدعوم بالذكاء الاصطناعي — ما هو وكيف ينافس ويكيبيديا؟

غروكيبيديا: موسوعة آلية مثيرة للجدل تنافس ويكيبيديا

في أواخر الشهر الماضي، أطلق الملياردير التكنولوجي إيلون ماسك منصة جديدة اسمها غروكيبيديا تعمل بالذكاء الاصطناعي، وقدمها كمنافس مباشر للموسوعة الإلكترونية ويكيبيديا. غرد ماسك في اليوم التالي لإطلاق الموقع (27 أكتوبر 2025) بأن غروكيبيديا «ستتجاوز ويكيبيديا بعدة رتب من حيث السعة والعمق والدقة».

في عصر الذكاء الاصطناعي التوليدي ومحركات البحث المعزَّزة بالذكاء، تبقى ويكيبيديا مستودعاً للمعلومات يكتب أغلبه بشرٌ متطوّعون. لكن تحقيقات مستقلة، من بينها مراجعات بوليتي فاكت، وجدت أن مقالات غروكيبيديا كثيراً ما تُستَنسخ حرفياً من ويكيبيديا. وعندما تختلف الصياغات، تكون جودة المعلومات والمصادر في غروكيبيديا مشكوكاً فيها ومعرضة للأخطاء، مما يقلّص من جدواها كأداة بحث موثوقة.

قال ماسك في حلقة من بودكاست «أول-إن» بتاريخ 31 أكتوبر إن فريقه كلف شات بوت شركته «غروك» بمراجعة مليون مقالة الأعلى زيارة في ويكيبيديا ثم «إضافة وتعديل وحذف». الهدف بحسبه كان «البحث في بقية الإنترنت، وكل ما هو متاح علنًا، وتصحيح مقالات ويكيبيديا، وإصلاح الأخطاء، وإضافة سياق أوسع».

تظهر في كثير من مقالات غروكيبيديا عبارة «تم التحقق من الحقائق بواسطة غروك». ومع ذلك، كشفت مراجعات أن المحتوى الجديد، عندما يختلف عن نص ويكيبيديا، غالباً ما يعاني من أحد هذه العيوب:
– لا يستند إلى مراجع؛
– يفتقر إلى استشهادات موثوقة؛
– أو يقدم مزاعم مضلِّلة أو انطباعية.

كما تميل المنصة إلى اقتطاع السياق من المواد المنقولة.

عينة من 885,279 مقالة في غروكيبيديا أظهرت ظاهرة مرتبطة بالذكاء الاصطناعي رُصدت سابقاً قبل الكشف الرسمي عن الأداة. كان ذلك مثلاً عندما صدر تقرير «اجعل أمريكا صحية مجدداً» لروبرت ف. كينيدي الابن واحتوى على اقتباسات مرجعية خاطئة ومصادر منسوبة غير موجودة.

يقرأ  «فالبْرين» على المريخسماء زرقاء زاهية — إلى حدّ ما— كولوسال

يرى جوزيف ريجِل، أستاذ مشارك في دراسات التواصل بجامعة نورث إيسترن، أن غروكيبيديا يسيء فهم نقاط القوة لدى ويكيبيديا والذكاء الاصطناعي على حد سواء. فمزايا ويكيبيديا تكمن في أنها نتاج مجتمع يضم آلاف الأشخاص يعملون بجد لإنتاج محتوى عالي الجودة، بينما يكون الذكاء الاصطناعي مفيداً أكثر عندما يكون تفاعلياً ويقبل المراجعة والاعتراض.

مئات الآلاف من المتطوّعين حول العالم يساهمون في ويكيبيديا وفق سياسات وتوجيهات تحريرية محددة. ومؤسسة ويكيميديا، الجهة غير الربحية المشغلة لويكيبيديا، على علم بمشكلة النسخ التي تقوم بها غروكيبيديا. وقالت سيلينا ديكلمان، كبيرة مسؤولي المنتج والتقنية في المؤسسة، إن «حتى غروكيبيديا تحتاج لوجود ويكيبيديا»، مشيرة إلى أن محتوى ويكيبيديا مفتوح المصدر بطبيعته وأنه من المتوقع استخدامه بحسن نية للتثقيف. وأضافت أن المشكلة ملحة خصوصاً مع تزايد اعتمادات منصات مثل غروكيبيديا على مقالاتنا، واستخلاصها بشكل انتقائي — مكتوبة من آلاف المتطوعين — ومن ثم تمريرها عبر خوارزميات غامضة غير قابلة للمساءلة.

مقالات متشابهة لكن بمراجع خاطئة أو مفقودة

راجعنا مقالات غروكيبيديا في مواضيع متعددة كالعلم والموسيقى والاقتصاد. كثيراً ما تتضمن مقالات غروكيبيديا عبارة تفيد أن «المحتوى مقتبس من ويكيبيديا بموجب ترخيص المشاع الإبداعي – النسبة نفسها 4.0»، ما يعني أن ترخيص ويكيبيديا يسمح بالنسخ وإعادة التوزيع والتعديل مع نسب المصدر، كما يشترط أن تُمنح التصاريح نفسها للمحتوى المعدّل. وهناك مقالات لا تستند إلى ويكيبيديا ولا تتضمن هذه العبارة، مثل مقالة جوزيف ستالين.

هيكل مقالات غروكيبيديا يشبه ويكيبيديا، بما في ذلك قوائم المراجع في أسفل الصفحات. لكن في حالات عديدة تُنسخ مقالات ويكيبيديا مع حذف قوائم المراجع والاستشهادات. مثال ذلك مقالة «الاثنين» التي احتوت على معلومات عن أصل التسمية والمناسبات الدينية والمرجعيات الثقافية، لكنها خلت من أي استشهادات باستثناء عبارة أنها مقتبسة من ويكيبيديا؛ وحسب أدوات كشف الانتحال، كانت المطابقة بين نصي غروكيبيديا ونص ويكيبيديا نحو 96%، بينما احتوت مقالة ويكيبيديا على 22 مرجعاً.

يقرأ  مساهمو تسلا يقرون خطة تعويض قياسية بقيمة ٨٧٨ مليار دولار لإيلون ماسك — أخبار إيلون ماسك

أحياناً ترتكب غروكيبيديا أخطاء في الاستشهادات نفسها. ففي مدخل «نقطة الذروة» نسبت غروكيبيديا فصل كتاب خاطئاً على أنه المكان الذي قدم فيه المنظر العسكري كارل فون كلاوزفيتز المفهوم، مع أن بقية نص المقال منسوخ من ويكيبيديا.

ومقالات أخرى اختلفت اختلافاً جوهرياً: مثل إدراج أغنية «Hello» لأديل حيث احتوت قائمة مراجع غروكيبيديا على عدة مقاطع إنستغرام تعطي معلومات ثانوية منقولة بدون نسب، في حين تعتبر معايير ويكيبيديا أن مثل هذا المحتوى المنشور من المستخدمين «غير مقبول عادة كمصدر».

في حالة المغنية الكندية فيست، نقلت غروكيبيديا نصاً من ويكيبيديا وأضافت سطراً يقول إن والدتها توفيت في مايو 2021؛ لكن الاستشهاد كان يشير إلى مقال في موقع فايس عام 2017 لا يورد أي خبر عن وفاة والدها الذي كان على قيد الحياة حينذاك — بيان مضلل وواثق دون دليل.

غياب الشفافية في تصحيح الأخطاء

وجدت بوليتي فاكت أمثلة على معلومات مضللة أُدخلت في مقالات غروكيبيديا. فعلى سبيل المثال، أضافت غروكيبيديا عبارة في مدخل «جائزة نوبل في الفيزياء» تقول إن «الفيزياء تقليدياً هي الجائزة الأولى المقدّمة في مراسم نوبل»، دون أي استشهاد، وهذا الادعاء على الأغلب غير دقيق إذ إن جائزة نوبل في الطب أو الفيزيولوجيا مُنحت أولاً في عدة أعوام حديثة.

أوضحت ديكلمان أن غروكيبيديا يعتمد على إنتاج سريع محتوى مولَّد بالذكاء الاصطناعي مع شفافية وإشراف محدودين، بينما عمليات ويكيبيديا مفتوحة للمراجعة العامة وتوثق المصادر وراء كل مقال بدقة. تسمح ويكيبيديا لأي شخص بالمساهمة وتحرير المقالات، وتضمن الشفافية عبر إتاحة سجل تاريخي كامل للتعديلات. كما يتمتع بعض المتطوعين بصلاحيات متقدمة للتعامل مع السلوكيات السلبية.

مع ذلك، تعرضت ويكيبيديا نفسها لانتقادات بعد أن منع محرر تغييرات على صفحة تتعلق بـ «إبادة غزة»، ما أثار نقاشات حول الرقابة والتحكم في المحتوى.

يقرأ  مئات الآلاف يُخَلَّون من منازلهم فيتنام تستعد لإعصار «بوالوي» أخبار الطقس

في غروكيبيديا، يمكن للمستخدمين المسجلين اقتراح تعديلات على المقالات المنشورة، لكن المنصة تفتقر إلى ميزة عرض تاريخ التعديلات العامة. لذا يظل مصير الأخطاء غير واضح: من يصححها؟ هل يصححها إنسان أم غروك؟ كيف تُناقش هذه التعديلات وما مدة تحديث الصفحات؟

ساهمت باحثة بوليتي فاكت كارين بيرد في إعداد هذا التقرير.

أضف تعليق