تقرير يحذّر من احتمال «انقسام كبير»: الدول المتقدمة تجني الأرباح والباقي يتخلّف
نُشر في 2 ديسمبر 2025
يشير تقرير للأمم المتحدة إلى أن الذكاء الاصطناعي قد يعمّق الفجوات بين الدول المتقدّمة والنامية، محذِّراً من سيناريو يحقق فيه البعض مكاسب هائلة بينما تُترك دول أخرى خلف الركب. يحمل التقرير عنوان “الانقسام الكبير التالي” وصدر عن مكتب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لإقليم آسيا والمحيط الهادئ، ويشدّد على ضرورة اتخاذ سياسات منسقة وعاجلة لإدارة آثار هذه التكنولوجيا.
التحذير المركزي في التقرير أن آثار الذكاء الاصطناعي قد تؤدي إلى “انقسام” بين دول الغنى والفقر، ما قد يقلب مسار عقود من التناقص النسبي في التفاوت العالمي. وفي مؤتمر صحفي في جنيف قال فيليب شيلكنز، كبير الاقتصاديين بالمكتب: «نعتقد أن الذكاء الاصطناعي يبشّر بعصر جديد من تصاعد عدم المساواة بين الدول، بعد سنوات من التقارب خلال الخمسين سنة الماضية».
يرى التقرير أن الذكاء الاصطناعي، كما فعلت الثورة الصناعية، يمتلك قدرة مزدوجة: إما أن يفتح آفاقاً غير مسبوقة للنمو والابتكار وإما أن يعمّق الانقسامات القائمة، في عالم تتباين فيه الثروات والمهارات وإمكانيات الوصول الرقمي بشكل حاد. وحتى الدول الغنية لن تسلم من تبعات تخلّف بقية الدول، إذ يحذّر شيلكنز من انعكاسات ذلك على الأمن ومن موجات هجرة غير موثقة قد تصبح أكثر تعقيداً.
آسيا والمحيط الهادئ في مركز التحوّل
يركّز التقرير على تحديات وفرص منطقة آسيا والمحيط الهادئ، لكنه يؤكد أن التوصيات تنطبق على مستوى عالمي. فالمنطقة، التي تضم أكثر من 55% من سكان العالم، تقع في محور التحوّل التكنولوجي وتمثّل أكثر من نصف مستخدمي الذكاء الاصطناعي عالمياً.
ويستعرض التقرير فوائد ملموسة للتكنولوجيا، من تحسين التعليم عن بُعد في المدارس النائية وتسريع كشف الأمراض إلى توسيع الوصول إلى الائتمان للمؤسسات الصغيرة وتعزيز استجابة الكوارث. ويتوقّع أن ترفع التكنولوجيا معدلات نمو الناتج المحلي السنوي في المنطقة بنحو نقطتي مئوية، مع احتمال أن تحقق اقتصادات رابطة آسيان ما يقارب تريليون دولار إضافية من الناتج خلال العقد المقبل.
مع ذلك، ينبه التقرير إلى أن فوائد الذكاء الاصطناعي قد تتوزّع بشكل غير متكافئ، ما يُرسّخ الفجوة بين أصحاب الإمكانات والآخرين. ففي حين تتدفّق العوائد المبكرة إلى اقتصاديات متقدمة مثل سنغافورة واليابان والصين، فإن دولاً تعاني من ضعف البنى التحتية للاتصال، وانقطاعات كهربائية متكررة ومهارات تقنية محدودة تبقى خارج الحلقة. وبالنتيجة، ملايين الوظائف—وخاصة تلك التي تشغلها النساء والشباب—معرّضة بشدّة للأتمتة إذا لم تُتخذ سياسات تحوّطية.
ويختم التقرير بالتأكيد على حدود التكهّن: «لا أحد يستطيع أن يتنبّأ بيقين إلى أين سيقودنا الذكاء الاصطناعي في المستقب»، مضيفاً: «في النهاية، يجب ألا تكون الآلات من يقرّر أي التقنيات تُعطى الأولوية وكيفية استغلالها، بل شعوب العالم».
التوصية العامة هي تبنّي سياسات وطنية وإقليمية متكاملة تضمن توسيع الوصول الرقمي، رفع مستوى المهارات، وتعزيز الحوكمة الشفافة للتقنيات الجديدة، كي لا يتحوّل وعد الذكاء الاصطناعي إلى عامل تفاقم للفوارق بل إلى محرك للنماء الشامل — مع ضرورة موواجهة دولية مشتركة ومخططّة.