الفيديو يُظهِر عملية إنقاذ عمانية — لا دليل على أن الجيش الفرنسي يزوّد «الإرهابيين» في مالي

منذ الانقلاب العسكري الذي أدّى إلى تشكّل حكومة جديدة في مالي وانسحاب القوات الفرنسية، شهدت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين توتراً مستمراً. تتّهم السلطات المالية باريس بشكل متكرّر بدعم جماعات مسلّحة في الشمال حيث يسود انعدام الأمن، وانتشرت منشورات على مواقع التواصل تزعم احتواءها لمقطع يُظهر مروحية عسكرية فرنسية تُزوّد “إرهابيين” في شمال مالي. هذا الادعاء غير صحيح؛ المقطع التقط في عُمان خلال عملية إنقاذ في أغسطس 2024.

تضمن وصف فيديو نشر على منصة X عبارة تفيد بأنه “فيديو فضائي من الساحل يظهر مروحية عسكرية فرنسية تُسلّم إمدادات للإرهابيين في شمال مالي…” وأُعيد نشره أكثر من 800 مرة منذ نشره في 6 سبتمبر 2025. المقطع المصاحب للمنشور يظهر هبوط مروحية (هليكوبترر) باتجاه مجموعة من الأشخاص في منطقة جبلية. بعض التعليقات أسفل المنشور أبدت تصديقها للرواية ووجّهت اتهامات للغرب بمحاولة زعزعة استقرار أفريقيا. كما تداوَل مستخدمون الادعاء على منصات أخرى، بينها Threads.

في السياق السياسي، أُطيح بالحكومات السابقة في مالي وبوركينا فاسو والنيجر عبر انقلابات عسكرية عامي 2020 و2022 و2023 على التوالي. ومع تدهور العلاقات، أعلنت الدول الثلاث انسحابها من الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (الساحل) في يناير 2024، متهمة التجمع بعدم الفاعلية في مواجهة التمرد الجهادي وبتحرك تحت تأثير القوة الاستعمارية السابقة، فرنسا. مع ذلك، لا تربط أي دلائل ذلك المقطع بفرنسا أو بمالي.

مهمة الإنقاذ في عمان
سبق لفريق التحقق في وكالة فرانس برس أن دحض الادعاء بالفرنسية. أجرى المحقّقون بحثاً بعكس الصور فقاد إلى النسخة الأطول والأصلية للفيديو، التي نُشرت في 17 أغسطس 2024 على قناة يوتيوب ناطقة بالعربية وُصفت بعنوان “عملية إنقاذ في عمان”. نُشر مقطع من تلك اللقطات أيضاً على الحساب الرسمي لشرطة عمان السلطانية في 18 أبريل 2024. لاحظت فرق التحقق تطابق عناصر المشهد بين المقطع المتناقل ومقاطع شرطة عمان، من المروحية والأشخاص على المنحدر والصخور في المقدمة.

يقرأ  الأمم المتحدة تحذر من اتساع المجاعة في غزة ومنظمات الإغاثة تندد بالحصار الإسرائيلي

نصّ وصف شرطة عمان كان: “الطيران الشرطي يجري عملية بحث وإنقاذ لشخص سقط من جبل في وادي صقم بولاية سمائل.” هذا يؤكد أن التسجيل جرى في سلطنة عُمان في شبه الجزيرة العربية، لا في مالي كما زُعم.

تسجيل الطائرة المروحية
التدقيق الأقرب أظهر أن المروحية تحمل تسجيل A4O-CB كما تظهِر عليها ألوان العلم الأحمر والأبيض والأخضر للسلطنه. بادئة A4O معروفة بأنها مخصّصة للطائرات المسجّلة في عُمان، وفق قوائم متخصّصة بسجلات الطيران. موقع Helis.com المتخصّص بتاريخ المروحيات يعرّف الطائرة من طراز AW139، ومقال نشر في أغسطس 2023 يشير إلى أن A4O-CB تابعة لشرطة عمان السلطانية من هذا الطراز. كما تذكر منشورات مرجعية عسكرية أن سلطنة عُمان تملك نحو 11 طائرة من هذا النوع.

تواصل فريق التحقق أيضاً مع هيئة الأركان الفرنسية، فأكدت إدارة الاتصالات أن الجيش الفرنسي لا يستخدم طراز AW139. ورداً على استفسارات وكالة فرانس برس في 3 سبتمبر 2025 جاء أن “فرنسا لا تستخدم المروحيات في مالي” وأن نشاطات القوات الفرنسية تُنفَّذ بتنسيق مع الشركاء الذين نعمل معهم بشكل مشترك. من الجدير بالذكر أن فريق التحقق قد دحض سابقاً ادعاءات مشابهة عن تزويد مروحيات فرنسية لـ”إرهابيين” في مالي في عام 2021.

أضف تعليق