منذ أن أزالت المحكمة العليا الأميركية الحواجز القانونية التي كانت تمنع الولايات من تنظيم القمار، باتت نحو 31 ولاية تسمح بالمراهنات الرياضية عبر الهاتف أو المواقع الإلكترونية، وسمحت 7 ولايات بالألعاب والكازينوهات الإلكترونية. يرى جوناثان كوهين، مؤلف كتاب «خسارة كبيرة: رهان أميركا المتهور على قمار الرياضة»، أن هذا التحول القانوني أدى إلى «أزمة، وآفة من اضطرابات القمار والاضطراب المالي، خصوصاً بين الشبان».
تشير معطيات معهد سيينا للأبحاث إلى أن ما يقارب نصف الرجال بين 18 و49 عاماً — أي نحو 22% من الأميركيين إجمالاً — لديهم حسابات مراهنة رياضية نشطة. واستطلاع وطني أجرته جامعة فيرلي ديكنسون بيّن أن نحو 10% من الرجال بين 18 و30 عاماً قد يكونون مقامرين إشكاليين، وهو ما يُعزى جزئياً إلى توفر المراهنات عبر الإنترنت وآلات القمار الرقمية. كما أن المقامرة القاصرة في السن آخذة في الازدياد: أكبر شريحة تستدعي خطوط المساعدة هي المراهقون والشباب في العشرينات، وتورد ييل ميديسين أن كثيراً من المشكلات تبدأ خلال فترة المراهقة. واللاعبون الذين يبدأون اللعب في سن مبكرة هم أكثر ميلاً لتطوير اضطراب القمار في البلوغ. وللأسف، فإن معدلات الانتحار بين المصابين باضطراب القمار أعلى من معدلاتها بين مدمني الكحول أو المخدرات. كما ربطت مجلة طب الأطفال القمار في سن المراهقة بزيادة احتمال تعاطي المواد المخدرة.
«إن ظننت أن ابنك لا يقامر، فإما أنه استثناء أو أنك توهم نفسك»، قال لي كوهين. «ابنك، إذا كان يلعب ألعاب الفيديو أو يحب الرياضة، فغالباً يقامر بطريقة أو بأخرى.»
مثلما حدث مع روب مينيك، يلعب بعض المراهقين على مواقع قد لا يدرك الآباء أنها تنطوي على مراهنات: منصات مثل Underdog Fantasy وPrizePicks وSleeper Picks تندرج تحت فئة الرياضات الخيالية، ومعظم الولايات تسمح للشاب البالغ 18 سنة بالمشاركة. أما معظم المنصات الكبيرة مثل DraftKings وFanDuel وBetMGM فتشترط عمراً أدنى يبلغ 21 سنة في الغالب. والمراهقون الملمون بالتقنية وقد يكونون أكثر إصراراً قد يلتفون على قيود العمر عبر استخدام أرقام الضمان الاجتماعي لآبائهم أو تفعيل مدفوعات مثل Apple Pay لتمويل العادة. «الولد الكول في المدرسة هو الذي يصل إلى حساب FanDuel لوالديه ويُسمح له بالمراهنة هناك»، قال مينيك.
«معظم الآباء لا يدرون إلى أي حد تستهدف شركات القمار أولادهم بطريقة مفترسة»، قال ليس برنال، مدير مجموعة الدفاع Stop Predatory Gambling.
خبراء صناعة القمار يحثون الآباء على التحرك.
تحدثوا عن القمار
«الرسائل التي يتلقاها الأطفال عن القمار تأتي من الإعلانات والترويج التجاري»، قال كوهين. أحد أبرز روّجّي هذه الصناعة هم نجوم الرياضة الكبار: إيلي وبيتون مانينغ في كرة القدم، وجوردن سبيث في الغولف، وليبرون جيمس وشاكيل أونيل في كرة السلة، وديفيد أورتيز من البيسبول. «هؤلاء الرياضيون يخلقون مستوى من الثقة تجاه القمار»، تقول سامانثا توماس، أستاذة الصحة العامة في جامعة ديكن بأستراليا. «يفكرون: لو أن شاك يقوم بذلك، فلا بد أنه ليس أمراً سيئاً».
وبرغم صعوبة تحدي تأثير نجوم الرياضة، فإن البالغين المعنيين بحاجة لمواجهة تلك الرسائل. كثيرون منهم يتحدثون بالفعل مع اطفالهم عن الإباحية والمخدرات وتعاطي الكحول؛ وينبغي أن يشمل ذلك التحدث عن القمار أيضاً. «لن يتغير الأمر ما لم يتحدث الآباء عنه»، قال برنال.
رسائل للأطفال حول القمار
تسوق منصات مثل DraftKings وFanDuel فكرة أن القمار ممتع، وأن المال سهل المنال، وأن المعرفة الرياضية تمنح ميزة — ما يلعب على ثقة بعض الصبية المفرطة بمعرفتهم الرياضية. تنصح توماس بأن يكرّس الآباء الرسالة التي تكشف دوافع الصناعة: الهدف هو تحقيق أرباحهم هم، لا مساعدة الجمهور على كسب المال. ذكّروا الأبناء أن الصناعة لا تصبُّ في مصلحة اللاعبين، وأن القاعدة الذهبية أن البيت — أي الشركة — يفوز دائماً.
من المهم أن يفهم الشباب أنه وبغض النظر عن معرفتهم باللاعبين والفرق، لا توجد مهنة مستقرة من وراء المراهنات الرياضية، وأن إدمان القمار حقيقي. علموهم أن ملاحقة الخسائر—زيادة الرهانات تعويضاً عن خسائر سابقة—هي علامة على الإدمان. وإذا وقعوا في مشكلة، فالأهم أن يعرفوا أنه يمكنهم طلب المساعدة.
كيف تتحدث مع الأبناء عن القمار
التهديدات والتخويف قد تَؤتي بالعكس.
«لو أن والديّ قالا لي: “لا مقامرة أبداً!”، لكنت فعلت ذلك أسرع»، قال روب مينيك. يوضح برنال أن الأطفال يستجيبون أفضل للمعلومات الواقعية؛ نصيحته أن تخبروا الأبناء أن القمار شديد الإدمان وأن المشهد ككل عملية احتيال — الشركات تراهُمْ علامات سهلة. شجّع مينيك الآباء على الاستمرار في الحوار وتوفير بيئة يُسهل فيها على الطفل الإفصاح عن مشكلته. وإذا اعترف المراهق بوجود مشكلة في المراهنة أو بخسارة أكثر مما ينوِي، فعاملوها بجدية تساوي جديّتكم تجاه إدمان المخدرات أو الكحول.
كن قدوة
«لا تصطحب أطفالك إلى الكازينوهات»، قال برنال. «ذلك يشبه تعاطي المخدرات أمامهم». وعلى الآباء الذين يقامرون أن يظهروا سلوكيات آمنة ويضعوا حدوداً واعية للمخاطرة.
في 12 نوفمبر 2022، وضع مينيك رهانَه الأخير بعد نوبة مراهنة استمرت 12 ساعة خسر خلالها كل ماله وتراكمت عليه ديون استلزمت ستة أشهر لسدادها. وللمرة الثانية في حياته دخل مركز علاج وتأهيل وخضع لـ«إزالة السموم» من العادة. اليوم يقول إنه بات خالياً من الرغبة في المراهنة لأنه وجد معنى في مساعدة غيره من المقامرين على الإقلاع. أسّس منظمة اسمها ODAAT (One Day At A Time) التي توفر موارد للمقامرين وأسرهم، بما في ذلك معلومات عن مراكز العلاج، واستشارات مالية، وفيديوهات توعوية.