مفاوضات ثانية غير مباشرة حول اقتراح ترامب لإنهاء الحرب على غزة
أنهت حماس وإسرائيل يومها الثاني من المفاوضات غير المباشرة حول مقترح الرئيس الأميركي دونالد ترامب لوقف الحرب في غزة، في حين توجه مسؤولون قطريون وأميركيون رفيعو المستوى إلى مصر للمشاركة في المحادثات.
في كلمة ألقاها في البيت الأبيض بمناسبة الذكرى السنوية الثانية لبدء الحرب، قال ترامب إن ثمة «فرصة حقيقية» للتوصل إلى اتفاق، وذلك مع اختتام جولة المحادثات في منتجع شرم الشيخ المصري.
تصاعد التحفظ الفلسطيني والتهديد بالمقاومة
افتتحت أعمال اليوم ببيان صدر عن «مظلة» من الفصائل الفلسطينية — بينها حماس — أكد “موقفاً مقاومًا بكل الوسائل” وشدد على أنه «لا أحد يملك الحق في التنازل عن أسلحة الشعب الفلسطيني»، في إشارة واضحة إلى مطلب أساسي ورد في خطة ترامب المكوّنة من عشرين نقطة والمتعلقة بتجريد المجموعة المسلحة من سلاحها.
قال فوزي برهوم، مسؤول كبير في حماس، إن مفاوضي الحركة يسعون إلى إنهاء الحرب و«انسحاب كامل لقوات الاحتلال» من غزة. أما خطة ترامب فتبقى غامضة بشأن انسحاب القوات الإسرائيلية، من دون تحديد جدول زمني واضح لعمليات الانسحاب الممرحلة، والتي يفترض أن تبدأ فقط بعد أن تُعيد حماس الأسرى الإسرائيليين الـ48 الذين لا تزال تحتجزهم، ويُعتقد أن حوالي 20 منهم أحياء.
مراحل الإفراج وربطها بانسحاب القوات
أشار مسؤول حماس رفيع تحدث إلى الجزيرة شريطة عدم الكشف عن هويته بعد محادثات الثلاثاء إلى أن الحركة تنوي الإفراج عن الأسرى على دفعات مرتبطة بسحب القوات الإسرائيلية من قطاع غزة. وأوضح أن المحادثات ركزت على جدول زمنٍي لإطلاق سراح الأسرى وخرائط انسحاب للقوات الإسرائيلية، مع تأكيد حماس أن إطلاق سراح آخر رهينة إسرائيلي يجب أن يتزامن مع الانسحاب النهائي للقوات.
قال كبير مفاوضي حماس خليل الحية، وفق ما نقلته قناة «القاهرة» التابعة للدولة المصرية، إن الحركة «لا تثق بالاحتلاّ، ولا لوهلة» (لا حتى لثانية واحدة)، وأنها تريد «ضماات حقيقية» لوقف الحرب وضمان عدم تجددها، متهمة إسرائيل بانتهاك وقفين لإطلاق النار خلال النزاع. (ملاحظة: كلمتا «الاحتلاّ» و«ضماات» بها أخطاء إملائية شائعة.)
مواقف إسرائيل والرهانات السياسية
أصدر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بيانًا في ذكرى هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 الذي قادته حماس وأطلق الحرب الإسرائيلية على غزة، وصف خلاله العامين الأخيرين بأنهما «حرب على وجودنا ومستقبلنا». وأضاف أن إسرائيل تمر «بأيام حاسمة» دون أن يشِر صراحة إلى محادثات وقف إطلاق النار، مؤكداً أن تل أبيب ستواصل العمل لتحقيق أهداف الحرب: «عودة جميع الأسرى، إنهاء حكم حماس، وضمان ألا تشكل غزة تهديدًا لإسرائيل بعد الآن».
مؤشرات تفاؤل وحذر دبلوماسي
رغم وجود خلافات واضحة، تبدو المحادثات حتى الآن أكثر الإشارات وعدًا للتقدم نحو إنهاء الحرب، مع تأييد كل من إسرائيل وحماس لأجزاء كبيرة من خطة ترامب. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري إن الوسطاء — قطر ومصر وتركيا — ظلوا مرنين ويطورون صيغًا أثناء تقدم مباحثات وقف النار. وأضاف: «لا نذهب إلى المفاوضات بأفكار مسبقة، بل نبلور هذه الصيغ خلال المحادثات نفسها».
أوضح الأنصاري للجزيرة أن رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني سينضم إلى وسطاء آخرين — من بينهم ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر ممثلان عن الولايات المتحدة — في مصر يوم الأربعاء، وأن مشاركة الشيخ محمد «تؤكد عزيمة الوسطاء على التوصل إلى اتفاق ينهي الحرب».
أسئلة مصيرية عن الحكم وإعادة الإعمار
حتى إن جرى التوصل إلى اتفاق، تظل أسئلة أساسية مطروحة حول من سيحكم غزة ويشرف على إعادة إعمارها، ومن سيتحمل تكاليف الدمار الهائل. استبعد كل من ترامب ونتنياهو أي دور لحماس، واقترحت خطة ترامب أن يدير «تقنيون» فلسطينيون الشؤون اليومية في غزة تحت هيكل حكم انتقالي دولي — ما عُرِف بـ«مجلس السلام» — يشرف عليه ترامب نفسه والشخصية المثيرة للجدل توني بلير.
من جهته، قال برهوم إن حماس تريد «البدء الفوري بعملية إعادة إعمار شاملة تحت إشراف هيئة وطنية فلسطينية».
الاعتداءات الإسرائيلية مستمرة
شهدت ذكرى اليوم الثاني للحرب استمرار الهجوم الإسرائيلي على غزة، مع تحليق طائرات مسيّرة ومقاتلات واستهداف أحياء سكنية مثل صبرا وطلّ الهوا وطريق مخيم الشاطئ. وأفادت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية «وفا» بأن عشرة فلسطينيين على الأقل قتلوا في غارات إسرائيلية يوم الثلاثاء، في حين ارتفع الإجمالي المأساوي للقتلى إلى أكثر من 66,600 طوال النزاع. وسُجّلت على الأقل 104 وفيات في غزة منذ يوم الجمعة، اليوم الذي دعا فيه ترامب إسرائيل إلى وقف حملتها الجوية.
أفادت مراسلة الجزيرة هند الخضري بأن صبيًا قُتل برصاصة في الرأس في شرق غزة، وأن ستة فلسطينيين قُتلوا في هجمات منفصلة في خان يونس جنوب القطاع. ونقلت قولها من الزوايدة في وسط غزة: «الجميع ينتظر اتفاقًا للسلام بينما تستمر القنابل في الهبوط. القوات الإسرائيلية لا تزال تدمر أحياء سكنية كاملة حيث كان الفلسطينيون يظنون أنهم سيعودون ليعيدوا بناء حياتهم».
إحصاءات الخسائر والدمار
بمناسبة الذكرى، قالت منظمة ACLED الأميركية المتخصصة في رصد النزاعات إن غزة تكبدت أكثر من 11,110 غارة جوية وطائرات مسيّرة بالإضافة إلى ما لا يقل عن 6,250 قصفًا ومدفعية طوال فترة الحرب. وقد شكّل قتلى غزة نحو 14% من مجمل الوفيات المبلّغ عنها في نزاعات حول العالم خلال العامين الماضيين. وأعلنت وزارة الصحة في غزة مصرع 1,701 من الكوادر الطبية خلال الحرب.