هل لاحظت كيف باتت الرسوم التوضيحية تتسلل أكثر فأكثر إلى عالم الإعلانات والتغليف والعلامات التجارية؟ أنا بدوري لاحظت ذلك، ومن منظوري كصحفي متخصص في صناعة التصميم لا أعتقد أن الأمر مصادفة.
تتكرر لدي شكاوى العلامات التجارية بأنها تكتشف شيئًا لا تستطيعه الصورة الفوتوغرافية: القدرة على خلق عوالم مخصصة وجديدة تثير الخيال وتعبّر عن القيم بوضوح لا مثيل له. من التغليف إلى تركيبات المهرجانات، شهد عام 2025 علامات تجارية تدفع حدود الممكن عندما تتعاون مع رسامين موهوبين. وإليك ستة أمثلة بارزة، كل واحدة منها أنجزها رسامون تمثلهم وكالة هانسوم فرانك، وتبيّن الطرق المتنوعة التي يحوّل بها هذا المجال سرد العلامة التجارية اليوم.
1. السرد السينمائي: عندما استحوذت نيسان على بيكاديللي سيركس
شركة السيارات اليابانية نيسان معروفة عالمياً، لكن مع تسارع تحول الصناعة باتجاه التقنيات الكهربائية لم يعد المستقبل مضمونا، والإعلانات التقليدية فقدت الكثير من فعاليتها. لذلك اختارت نيسان مسارًا جديدًا بالتعاون مع الرسام مات سندرز؛ معًا ابتكروا أنيميشن تكاثري لا نهائي مدته 30 ثانية أخذ المشاهدين في رحلة عبر عوالم مستقبلية؛ من حلبات السباق إلى ليالي طوكيو السيبرية.
كان الإنجاز التقني مذهلاً: عمل مات مع وكالة الإنتاج Grand Visual لمدة أربعة أشهر، وبنى كل مشهد في ثلاث طبقات مفصّلة: الخلفية، المستوى الوسطي، والمقدمة، وجمعت كل ذلك حول نقطة محورية واحدة. وعلى الرغم من أن المشروع صُمم أصلاً للاستخدام على الإنترنت، إلا أن النتيجة كانت قوية بما يكفي لجعل نيسان تحجز أكبر شاشة إعلانية في أوروبا — شاشة Piccadilly Lights بمساحة 783.5 متر مربع — لعرض العمل أمام العالم.
الخلاصة: عندما تمنح العلامات التجارية رسامين مهامًا طموحة ووقتًا كافيًا للتنفيذ، قد تتوقف الحركة حرفيًا أمام تلك الأعمال.
2. ثقافة المهرجانات: تجربة كوستا كوفي التوضيحية
يعد Boardmasters مهرجانًا سنويًا يستمر خمسة أيام في نيوكوي، كورنوال، يجمع بين حدث موسيقي كبير ومنافسات ركوب الأمواج والتزلج وBMX. كانت فرصة مثالية لترويج سلسلة المقاهي كوستا كوفي لجمهور شاب ومؤثر. لكن العلامة لم تكن تريد مجرد لصق شعار على بضائع؛ أرادت خلق تجربة ملموسة ينجذب الناس للمشاركة فيها.
لهذا كلفت كوستا الرسام لوك مكونكي بصنع سلسلة من الأعمال الزاهية التي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من حضورهم في المهرجان. وبما يتناسب مع أجواء الحدث، اتسم نهج لوك بالعفوية المنعشة: «تركت الأشياء لتبدأ بالحدوث من تلقاء نفسها، كما يحدث عندما تكون في مهرجان»، كما يشرح. “كل شيء يحدث دفعة واحدة، والأمور تقع لأن احداثٍ أخرى حصلت.”
لوك أدرج نفسه وزوجته وابنه داخل مشهد المهرجان؛ يقول: “هؤلاء الناس يتسلَّلون إلى عملي دون وعي.” عندما تُقدَّم اللمسة الشخصية بصدق، فإنها تضخ إنسانية حقيقية في تجربة العلامة التجارية وتخلق رابطاً عاطفياً مع الجمهور.
نتائج لوك البصرية التفصيلية زينت كل شيء من التركيبة الرئيسية وصولاً إلى قبعات الباكيت القابلة للعكس التي تحوَّلت سريعاً إلى الإكسسوار الضروري للمهرجان.
خلاصة مهمة: توضيح هذه الحالة يبيّن أن تفعيل العلامات التجارية في فعاليات الثقافة الشعبية يمكن أن يكون مؤثراً من دون أن يتحول إلى اقتحامٍ مؤسسي. الرسوم التوضيحية قادرة على تحويل المساحات إلى بيئات يرغب الناس فعلاً في التواجد فيها ويحتفظون بذكرياتها بارتياح على مرّ السنين.
3. التعاون في الموضة: عندما تلتقي الرسوم التوضيحية بالستريتوير
تأسست علامة الأحذية الإسبانية هوف في 2016، وسرعان ما رسَّخت مكانتها عبر أحذية ملونة وفريدة. كل تصميم حذاء عبارة عن تَشْرِيف لمدينة أو حيّ أو وجهة معينة، وغالباً ما تدمج العلامة معلمًا مميزاً أو خريطة الموقع على نعل الحذاء.
لمجموعتها الأحدث، كانت هوف بحاجة إلى رسامة توفّق بين الجرأة البصرية للعلامة وإضافة لمسة جديدة على مفهومها المرتكز على المكان. ماليكا فافر كانت المطابقة المثلى: معروفة بأسلوبها المبسّط والواضح، تكمن براعتها في اختزال الصورة إلى عناصرها الأساسية وجعلها تتألّق عبر استخدام الضوء والظل بإتقان.
تجسّد ذلك في مجموعة “باوهاوس المكسيك”؛ حذاء لافت بغلين لونيين زاهيين، إلى جانب سويتشرت وشنطة يد، جميعها تزيّنها علامة الشفاه المميزة لماليكا فافر — لمسة بصرية قوية تُكمِل الفكرة وتثريها بطريقة محوريه.