على القوات الإسرائيلية أن تضمن ألا تُفقد دروس مذبحة ٧ أكتوبر وسط هدوء الهدنة

مع تفعيل وقف إطلاق النار في غزة، يجب أن تُقابل كل خروقات بردّ حازم وسريع. الاستجابة المبكرة ستحدد مسار السلام وتردع أي استفزازات إضافية من حماس.

كل الرهائن الأحياء عادوا إلى منازلهم، ولدى اسرائيل وحماس — إلى حدٍ كبير — تهدئة في تبادل النار. الهدوء الحالي قائم، لكنه خدّاع أحيانًا.

انسحاب القوات الإسرائيلية حتى ما يُعرف الآن بـ«الخط الأصفر» شمل نحو 47% من قطاع غزة. على طول هذا الخط ظهرت حوادث: مقاربون من غزة يقتربون كثيرًا لاختبار رد الفعل الإسرائيلي والبحث عن نقاط ضعف.

لم تُعد سوى نسبة قليلة من جثث الرهائن الـ28 التي لا تزال لدى حماس. هذا الإرجاع الجزئي يبدو أيضاً اختبارًا محسوبًا لاختبار صبر إسرائيل ويقظتها واستعدادها لفرض بنود وقف النار.

الأيام الأولى حاسمة. طريقة استجابة القدس لهذه التجاوزات ستحدد ما إذا كان هذا الهدوء الهش سيتحول إلى استقرار مستدام أم ينهار ويقود إلى حرب أخرى.

وزير الدفاع إسرائيل كاتس وقائد أركان جيش الدفاع الفريق إيال زامير أكدا أنه لا تسامح مع الخروقات. تحذير زامير كان واضحًا: «لن نسمح بتمادي التهديدات… أعيننا مفتوحة وأصابعنا على الزناد». كذلك قال كاتس بصراحة: «سيكون هناك رد فوري على كل انتهاك للاتفاق».

الرسالة لا تقبل التأويل: من أجل هدوء طال انتظاره، لا يمكن لإسرائيل أن تغض الطرف عن استفزازات حماس. التاريخ القريب يبيّن أن أيام وقف النار الأولى هي التي تصنع النبرة اللاحقة؛ كل خرق بسيط يُتجاهل يصبح سابقة للخرق التالي.

التجربة مؤلمة ومألوفة: عند انسحاب إسرائيل من لبنان عام 2000 تعهّدت بفرض ردّ على أي قذيفة، لكن ذلك التهديد تلاشى عند أول اختبار. وعند الانفصال عن غزة عام 2005 كرّر القادة وعود ردّ صارم على إطلاق الصواريخ، ولم تُتبع كثيرًا تلك التهديدات. النتيجة كانت إعادة تسليح حزب الله بعد حرب 2006، وبناء ترسانة مسلحة داخل غزة أدت في نهاية المطاف إلى مآسٍ مثل هجوم 7 أكتوبر.

يقرأ  زانغاوكر يتعهد: «إذا عاد ماتان في كيس، سأعمل على توجيه تهمة القتل لنتنياهو»

لكن إسرائيل تعلّمت بعد 7 أكتوبر. الرد على خروقات حزب الله بعد اتفاق وقف النار في الشمال كان مثالًا: لم تكتفِ إسرائيل بإطلاق تحذيرات، بل أجابت بضربات مركّزة وسريعة بعد توجيهات كاتس بالعمل «بحزم ودون مساومة». تلك الصرامة مستمرة حتى اليوم.

على هذا الأساس، يجب أن يُطبق نفس النهج في غزة: إرادة حديدية واضحة وفرض شروط وقف النار، بما في ذلك تفكيك سلاح حماس ونزع عتاد غزة. هذا أصعب بكثير من لبنان.

يزيد صعوبة المهمة وجود قوى دولية ومستشارين — عرب وغربيون — سيأتون للعمل بموجب قواعد اشتباك يصاغ نصها الآن. عندما تنتشر هذه التشكيلات المتعددة الجنسيات، ستتعرّض كل عملية إسرائيلية للتدقيق: هل تعرّض ضابط تركي أو أردني للخطر؟ هل كان مستشار إماراتي بالقرب؟ لذا سيتعين على إسرائيل تفادي إيذاء أناس أجانب حتى في حالات الدفاع عن النفس.

لكن هذه القوات لم تصل بعد؛ وهذه النافذة الزمنية قبل وصولها تمنح إسرائيل حرية الفعل الآن. هذا هو الوقت لبناء رادع واضح يصل صداه لاحقًا — لإيصال رسالة لحماس وفصائلها أن أي تعدٍ سيقابَل فورًا وبقوة حاسمة. هذه النافذة ستغلق سريعًا.

الإغراء الأكبر الآن هو الحفاظ على الهدوء بأي ثمن. بعد 7 أكتوبر يشتاق الإسرائيليون بطبيعة الحال إلى العودة للحياة الطبيعية. لكن الهدوء ما قبل 7 أكتوبر كان مبنيًا على أوهام: تجاهلٌ مقصود لتهديدات متصاعدة باسم قداسة الهدوء والرخاء. هذه المرة يجب أن لا يكون الهدوء غاية في ذاته، بل حالة يُحفظ لها الحق في الرد والوقاية — حتى لو أخلّ ذلك بالهدوء مؤقتًا.

كل «تأخير» من حماس كلّه محاولة مدروسة لقياس ردود فعل الجيش. لذلك كيفية تعامل إسرائيل الآن مع الاقترابات من الخط الأصفر أو لعبة حماس بجثث الرهائن مهمة للغاية؛ فهي تحدد النغمة. كل اقتحام، كل مقاربة «عرضية» لمقاتلي حماس، وكل تأخير في إعادة الجثث هي محاولات لتقدير ردودنا. لا يمكن للجيش والحكومة أن يتعاملا معها على أنها سوء فهم صغير أو حادث محلي.

يقرأ  مصلحة السجون الإسرائيلية تفشل في توفير تغذية كافية للسجناء

حماس تراقب وتقيس وتعدّل خطواتها. المبدأ الموجّه يجب أن يكون واضحًا: لا انتهاك بلا رد. الرد السريع والمرئي على كل خرق ليس تصعيدًا بمعناه السلبي، بل وقاية من تصعيد أكبر لاحقًا.

إذا ترددت إسرائيل الآن فستدعو إلى تآكل طويل الأمد ربما يستمر شهورًا أو سنوات. نمط حماس بعد كل مواجهة مع الجيش كان واحدًا: اختبار، تكيف، إعادة بناء. لا يجوز أن نسمح لدوامة هذه الدورة أن تبدأ من جديد. تعهّد زامير وكاتس بأنه لن يتكرر هذا الأمر — ومن الضروري أن يترجما ذلك إلى أفعال.

أحد الحقائق الأليمة في 7 أكتوبر لم يكن فقط عنصر المفاجأة، بل أيضًا أن إسرائيل رأت حماس تتكوّن وتترسخ ولم تتصرّف في الوقت المناسب. الدرس إذن ليس فقط ألا يُفاجئنا شيء مرة أخرى، بل ألا نتجاهل أي علامة مبكرة. تكلفة التجاهل أعظم بكثير من تكلفة المواجهة المبكرة.

المهمة الحالية للجيش الإسرائيلي هي ضمان أن لا يضيع هذا الدرس وسط سكون وقف النار؛ أن تظل مراجمه ماثلة في موقف إسرائيل: حازم، ساهر، ومستعد للرد بقوة على كل استفزاز أو انتهاك للاتفاق.

أضف تعليق