داخل وحدةٍ بالجيش الإسرائيلي توظيف البيانات الضخمة في المواجهة مع إيران

وحدة الاستخبارات والاتصالات السيبرانية في الجيش الإسرائيلي المعروفة باسم «ماتسبن» تعمل بالتنسيق مع جهاز الموساد والشاباك على تصميم وتكييف تطبيقات برمجية مستخدمة في العمليات داخل غزة ولبنان وإيران وخارجها. هذه الوحدة تمثل صلة وصل بين قدرات برمجة متقدمة، سحب بيانات واسعة النطاق، وبُنى اتصالات رقمية مصمَّمة لخدمة احتياجات الميدان والاستخبارات المشتركة.

أظهرت مصادر عسكرية أن ماتسبن وسّعت نطاق قدراتها على معالجة البيانات الضخمة لمسافات تفوق 1,500 كيلومتر خلال عملية «أسد الصعود» في يونيو، ما مكّنها من تهيئة الضربة الافتتاحية التي أربكت طهران في الساعات الأولى للصراع وأضعفت واستوعبت استجابة النظام. تطبيق تقنيات كانت مخصصة للحروب الموسعة قرب خطوط القتال تم عكس هندستها وتكييفها للعمل في عمق أراضٍ بعيدة جغرافياً، مع الأخذ بعين الاعتبار التحديات المتعلقة بالبنية التحتية الفيزيائية اللازمة لمرور البيانات والبرمجيات.

بنيان الحلول لم يكن يوحّد الجميع: كل سيل بيانات أو تطبيق قد يتطلب خوارزميات مخصصة وحلول تشغيلية تختلف حسب المسرح (غزة، لبنان، إيران)، لذا تعمل فرق ماتسبن على تطوير عشرات التطبيقات المتزامنة لتحسين القدرات الهجومية والدفاعية للجيش. الهدف العملي أن يشعر قادة الميدان بأنهم يتعاملون مع بيئة تقنية مألوفة وسهلة الاستخدام، لا أن تُبطِئهم واجهات جديدة معقّدة وتشتت تركيزهم عن اتخاذ القرار التكتيكي.

إيصال البيانات سريعاً وبصيغ قابلة للتنفيذ على مستويات القيادة العليا والدنيا هو لب مهمة ماتسبن: تدفقات إحداثيات دقيقة لقوات العدو، ربط تحذيرات الاستشعار بمنصات الدرون المناسبة، ومزامنة الهجوم المضاد بأقل زمن ممكن؛ كل ذلك لتسريع ردع الفرق المعادية وتقليل فرص إطلاق النار المتبادل. في حالات كثيرة، أسهمت الأنظمة في تحديد مواقع القوات الصديقة بدقة كبيرة ما خفف بشكل ملحوظ من حوادث النيران الصديقة، وفي حالات محاصرة جنود لا يستطيعون التفاعل مع الأنظمة فقد يحدث عطب تشغيلي أو انسداد ميداني يمنع الاستفادة من تلك البيانات.

يقرأ  حين تلتقي الوصايا العشر بالتعديل الأول

على مستوى الدعم المدني، تزود تطبيقات ماتسبن قيادة الجبهة الداخلية بخرائط وبيانات تساعد في التعامل مع تهديدات الصواريخ والطائرات المسيّرة، وتُستخدم أدوات تحليل المصادر المفتوحة (OSINT) أحياناً لتغذية الجمهور بمعلومات أوضح عن التهديدات الجوية. كما طُورت لدى الوحدة نسخة محلية تشبه ChatGPT—واجهة حوارية صوتية ونصّية متخصّصة بالمفاهيم العسكرية واللغة الميدانية—تُتيح للقادة الحصول على مخرجات تحليلية أثناء الحركة، بعكس الاعتماد على مراكز قيادة ثابتة. هذه الواجهة حسّنت قدرة القادة الميدانيين على التفاعل مع بيانات متطورة أثناء العمليات المتنقلة.

من الناحية الأمنية، تصمَّم التطبيقات والبنى التحتية بهدف صعوبة اختراقها والحفاظ على مصادر المعلومات مشفّرة وسياقية، مع بروتوكولات تشفير وتأمين رقمية وعملياتية قوية. وتُجرى عمليات فرز وتدقيق رقمية ومادية على أشكال مختلفة من مستودعات البيانات (يشبه بعضها خرائط تشغيليّة متصلة بنظام يشبه Google Drive) لضمان موثوقية ونزاهة المعلومات على نطاق واسع؛ إلا أن هذا يتطلب استثمارات هائلة في الوقت والموارد والعنصر البشري.

على مستوى الاستشعار الفضائي والجوي، طوّرت ماتسبن بنية رقمية تربط بيانات الأقمار الصناعية وصور الطائرات لتقديم تحديثات ثلاثية الأبعاد مدمجة في منظومات تشغيل تكتيكية. منصة اسمها MAPIT تعمل على دمج الصور وجعلها واقعية وتوليد خرائط متجددة لمساحات واسعة؛ وقد أفادت تقارير سابقة أن إسرائيل كانت قادرة على مراقبة مئات الآلاف من الكيلومترات المربعة داخل إيران يومياً. هذه المعالجات المرئية تُنقل الآن لحظياً إلى غرف العمليات ومجالس القيادة وتُدمج مع أنظمة أخرى لدعم القرار.

في جانب الدفاع النشط، ساهمت المنظومات في تتبّع مواقع العبوات الناسفة بدقة غير مسبوقة، وتوفير إحداثيات تكفي للتمييز بين مسارات آمنة ومناطق ملوّثة، وهو فارق قد يعني الحياة أو الموت عند تقدم ناقلات الجنود والدبابات. كما توفر ماتسبن بعض الأدوات والمنصات السيبرانية التي تقي الشبكات العسكرية من محاولات الاختراق، مع تركيز أكبر على تمكين قدرات الهجوم السيبراني حين توجب المهمة.

يقرأ  عناصر الإغاثة تستعين بالحمير للوصول إلى موقع انزلاق أرضي نائي في السودان

الاستفادة من خبرات الماضي—سجلات تكتيكية وتواريخ تشغيلية من رحلات الدرون والإنذارات السابقة—تمت رقمنتها لتغذية أنظمة تحليليّة تتوقع الأنماط وتسرع صنع القرار. ومع تقدم الحرب، تحولت قدرات المراقبة بالدرون إلى مستوى ناضج يندمج مع تفوق بنيوي رقمي وعدد كبير من الحساسات، ما خلق قفزة نوعية في الإمكانات العملياتية.

بقدر ما تتطلب هذه الأنظمة صيانة وتطويراً مستمرين، فإن ماتسبن تواصل اختبار وتحديث حلولها لمواجهة سيناريوهات ما بعد الحرب، سواء على مستوى تهديدات تقليدية أو تهديدات إلكترونية أو هجينة. الطواقم البرمجية أثبتت جاهزية للتعامل مع تحدّيات متنوّعة، لكن الطريق أمامها يظل مليئاً بالمهام التقنية المعقدة والضرورات الاستخبارية المتغيرة. وفيما تكثف الوحدة عملها خلف الكواليس لتزويد القادة بأدوات فعّالة، تظل صورة الميدان للقياده غالباً مبنية على واجهات بسيطة وسريعة الاستجابة لا تعكس بسهولة كمّ العمل التقني الذي يجري في الخفاء.

أضف تعليق