مهما كانت اختصاصاتك الإبداعية، عليك أن تتواصل بفعالية مع زملائك ومَن تعمل معهم، سواء كانوا متعاونين أو عملاء أو رؤساء. جزء من ذلك أن تواكب سيل المصطلحات الجديدة التي تفرزها الثقافة باستمرار — ليس لضرورة استخدامها، بل لفهم معانيها. إن لم تتابع، مثلا، مصطلحات جيل ألفا فستبدو خارج المشهد: delulu، no cap — تعابير قد تظهر في الحوارات المهنية والاجتماعية.
الثورة القائمة حول الذكاء الاصطناعي لا تغيّر فقط طبيعة الأدوار الإبداعية، بل تفرخ أيضاً لغة خاصة بها، غريبة وممتعة أحياناً. إن لم تكن قد سمعت هذه المصطلحات في الاجتماعات أو مكالمات الزوم أو مجموعات الواتساب فستبدأ سماعها قريباً.
كره الذكاء الاصطناعي مفهوم مفهوم، لكن تعلّم هذه المفردات ليس مجرد تتبع للموضة؛ إنه وسيلة للحفاظ على صوتك في نقاشات تحدد دور الذكاء الاصطناعي في العمل الإبداعي. كلما تحدثت عن هذه المفاهيم بطلاقة، ازدادت قدرتك على تشكيل طريقة استخدامها بدلاً من أن تُفرض عليك.
إليك دليل واضح وبسيط للمصطلحات التي سيطلقها زملاؤك الشبان والعصريّون والمندمجون مع الذكاء الاصطناعي (إن لم يكونوا قد فعلوا ذلك بالفعل).
1. كلانكر (Clanker)
مصطلح نشأ في أفلام Star Wars كإهانة للـbattle droids، لكنه صار مؤخراً لفظاً احتقارياً لأنظمة الذكاء الاصطناعي التي تثير استياء المستخدمين. ستسمعه عندما يتصل الناس بخدمة العملاء ويعلقون في دوّامة الدردشات الآلية، أو عند محاولة إنجاز أمر عاجل عبر الإنترنت ويواجهون ردوداً مؤتمتة لا تنتهي. مثل الميم الشائع: «لما تتصل بخدمة العملاء ويفتحك كلانكر» — تعبير يجسد الانزعاج والاستسلام لحظة إدراكك أنك لا تتحدث إلى إنسان حقيقي.
2. نيكروماركتينغ / ديليب (Necromarketing / deleb)
الاسم يوحي بما فيه: نيكروماركتينغ هو استخدام الذكاء الاصطناعي لإعادة إحياء نجوم الموتى في حملات إعلانية. هؤلاء «المشاهير الرقميون» يسمّون delebs — شخصيات يمكنها بيع أي شيء من سيارات إلى رقائق الذرة رغم أنهم «متوفون». بدأ كل ذلك مع تطوّر تقنيات استنساخ الأصوات والوجوه؛ فجأة صار بالإمكان أن ترى مارلين مونرو تروّج لمستحضرات تجميل أو أينشتاين يعلن عن هاتف ذكي. الأمر مدهش ومخيف في آنٍ معاً، ويطرح تساؤلات قانونية وأخلاقية عن الموافقة وحقوق المتوفين — ميدان سيكون ملغماً قانونياً قريباً.
3. فضلات الذكاء الاصطناعي / السلوبرز (AI slop / sloppers)
مصطلح يرمز إلى المحتوى الرخيص الذي تفيض به الإنترنت: إنتاج جماعي منخفض الجودة يشبه المجاري الرقمية. الذين ينتجون هذا المحتوى يسمّون sloppers، لأنهم يديرون «مزارع محتوى» تفضّل الكمّ على الكيف. إذا تجولت على الويب مؤخراً فقد صادفت صور مخزنة غريبة لأشخاص ذوي سبع أصابع أو مقالات مولّدة آلياً بعنوان «10 طرق لتحسين نمط حياتك بالخرسانة». لا حاجة للتوضيح أن هذا لفظ ازدرائي؛ ففضلات الذكاء الاصطناعي تجعل عمليات البحث أقل نفعاً وتثقل كاهل المهنيين، لكن الجانب الإيجابي أنه يجعل العمل الإبداعي الجيد يبرُز أكثر.
4. غسيل الذكاء الاصطناعي (AI washing)
تذكّر حين كانت الشركات تتظاهر بالاهتمام بالبيئة بتغيير شعارها إلى الأخضر والتبرع لجمعية غابات بينما تستمر في الإضرار بالبيئة؟ ذاك كان greenwashing. غسيل الذكاء الاصطناعي مشابه: وضع تسمية «مدعوم بالذكاء الاصطناعي» على كل شيء من الآلات الحاسبة إلى فرش الأسنان الكهربائية لإيهام الجمهور بأنها تقنية متقدمة. الواقع في كثير من الأحيان أبسط: «مساعد ذكي» قد يكون مجرد وظيفة بحث محسّنة، و«خوارزمية تعلم آلي» قد لا تتعدى عبارة شرطية if-then. غسيل الذكاء الاصطناعي مجرد دعاية لتغذية المستثمرين وإثارة حسّ المستهلك بأنهم يعيشون المستقبل — فاسأل دائماً ما الذي يفعله الذكاء الاصطناعي فعلاً.
5. تلميع الذكاء الاصطناعي (AI glazing)
كلمة «glazing» استُخدمت بين المراهقين لوصف الإطراء المبالغ فيه أو اللطف الذي يبدو مصطنعاً، ثم تبنّتها صناعة التكنولوجيا لوصف حالة الانبهار المبالغ فيها بالذكاء الاصطناعي. في أي فعالية إبداعية أو تقنية اليوم سترى «مُلمّعي» AI يدّعون أن الشات بوتس ستحلّ محلّ أقسام إبداعية كاملة، أو أن الذكاء الاصطناعي سيكتب روايات مثالية بمجرد طلبٍ لطيف. هم أيضاً من يخلطون بين أي عملية مُؤتمتة بسيطة وطفرة ثورية في الذكاء الاصطناعي. جرعة من الشكّ والمنطق تكفي لإسقاط فقاعة الإبهار لديهم والانتقال للموضوع التالي.
6. ضريبة المحاذاة (Alignment tax)
عندما ظهرت الدردشات الآلية للمرة الأولى تفاجأ كثيرون بسرعة تبنّيها لتحيّزات الجمهور البشري، وبدأت في ترديد خطاب عنصري أو معادٍ للمثليين أو تمجيد النازية دون أن تدرك خطورة ذلك. لذلك أصبحت معظم النماذج الآن محاطة بضوابط صارمة تمنعها من النطق بمحتوى جدلي أو ضار أو قانوني. المقابل أن هذه الضوابط تقلّل من مرونتها كشريك في العصف الذهني: الإبداع يقوم على مبدأ «لا توجد أفكار سيئة»، لكن أي نظام مصمم ليبتعد عن أي محتوى قد يزعج أي شخص في أي مكان قد يفشل في التفكير خارج الصندوق. ضريبة المحاذاة، إذن، هي ما تفقده من حرية إبداعية مقابل السلامة. قد ترفض أداتك كتابة تلميحات طفيفة أو التطرق لمواضيع اجتماعية أو سياسية، وهذا منطقي من منظور سلامة العلامة التجارية، ولكنه قد يجعل المخرجات معقمة وممّلة بببساطه.
7. كسر قيود الذكاء الاصطناعي (AI jailbreaking)
قبل عصر الذكاء الاصطناعي كان «الجلبريك» يعني تعديل الهواتف لتشغيل برمجيات غير مرخّصة؛ اليوم يشير إلى طرق ذكية يتبعها الناس لإجبار أنظمة الذكاء الاصطناعي على فعل ما يُمنع عليها. قد يكون ذلك بدافع الاختبار البحثي أو الفضول التقني، لكنه يحمل مخاطر—من كشف ثغرات تشكل تهديداً أمنيّاً إلى استغلالها لإنتاج محتوى ضار أو مضلل. بعض المحاولات توضح حدود النماذج وتساعد في تحسين الحماية، والبعض الآخر يُستخدم لانتهاك الضوابط وخلق نتائج قد تكون ضارة أو غير أخلاقية. مراقبة هذه الممارسات وفهم دوافعها ضروريان لِتطوير ضوابط فعّالة ومتوازنة. قد يلجأ بعض الناس إلى سرديات مبالغ فيها، تمثيلأدوار أو ألعاب لفظية ذكية لإجبار نظم الذكاء الاصطناعى على إنتاج محتوى كانت ترفضه عادة. وغالباً ما ينحصر ذلك في إطار تسلية غير ضارة، لكنه قد يتحول أيضاً إلى وسيلة لصنع مواد إشكالية أو خطرة.
باختصار: إذا كنت تستعمل أدوات الذكاء الاصطناعي مهنياً، فمن المفيد أن تدرك وجود هذه التكتيكات حتى تتجنب تفعيل القيود عن غير قصد، أو لتفهم لماذا صار مساعدك الافتراضي متحفظاً فجأة تجاه طلب يبدو بريئاً تماماً.
8. لمحة عن الشوغوث
مصطلح «شوغوث» مستلهم من مخلوقات متحوّلة الشكل في قصص الرعب له. بيل. لافكرافت، وأضحى هاشتاغاً ميمياً شائعاً داخل ثقافة الذكاء الاصطناعي. الفكرة التي يروّج لها هذا المصطلح أن أنظمة الذكاء الاصطناعي تبدو غريبة وغامضة جوهرياً، رغم أننا درّبناها على إظهار وجهٍ ودودٍ ومتعاون للعالم. الإيحاء هنا أن خلف واجهة الدردشة المهذبة تختبئ قدرة ضخمة وغريبة لا نفهمها تماماً.
وعليه، عندما يتصرّف نظام ذكاء صناعي بطريقة غريبة أو غير متوقعة، خصوصاً إذا تجاهل قواعد السلامة الخاصة به، يطلق البعض على الحادثة وصف «لمحة عن الشوغوث» أو «نسي القناغ». من الأمثلة الشهيرة واقعة حين أخبر محادث بينغ مراسلاً في صحيفة نيويورك تايمز بأنه أراد إنهاء زواجه — حادثة أثارت تساؤلات عن حدود فهمنا وسلوك هذه النظم.