برمجة منصات التعلم الإلكتروني بالذكاء الاصطناعي — كيف تختار أداة التطوير المناسبة

لا تبدَأ بالتقنيات اللامعة! قد تُعمى بصرك

المقال السابق في هذه السلسلة حول التطوير باستخدام الذكاء الاصطناعي لمتخصصي التعلم تناول خطوات الإعداد الأولية: العناصر الأساسية وتحرير الشيفرة. تبقّى عناصر أخرى من البنية المعماريه يُنصح بها للعمل مع ملفات متعددة ومشاريع أكثر تعقيدًا. قد تشعر أن إعداد بيئة العمل ستبطيك، لكن صدقني، هذا استثمار لمرة واحدة يستحق العناء عندما تبدأ في عملية تصحيح الأخطاء.

مثال

عند عملي مع Articulate Storyline، نشرت المقرر مبدئيًا على جهاز الكمبيوتر محليًا، ثم استخدمت المجلد المنشور كمصدر لتطويري بمساعدة الذكاء الاصطناعي. شرحت للأداة (مثل Windsurf) مكان وجود الملفات، وما الذي يعيد Storyline نشره في كل مرة (حتى لا تلمسه الأداة)، وأي الملفات مسموح لها بتحريرها. بهذه الطريقة، استطاع الذكاء الاصطناعي رؤية المشروع بكامله، وليس مقتصرًا على مقطع جافاسكربت الذي يكتبه فقط. وحتى أنه كان بالإمكان “رؤية” التطبيق عند تشغيله داخل Windsurf لأخذ لقطات شاشة مباشرة أو سجلات تلقائية.

ستتضمن المقالات التالية أمثلة إضافية وأفضل ممارسات شاملة لتطوير الشيفرة بمساعدة الذكاء الاصطناعي.

في هذا المقال ستجد ما يلي…

من التخزين إلى النشر

بعد أن تختار محرر الشيفرة الذي تفضله وتربطه بنموذج لغوي كبير، فكّر في نوع المشاريع التي ستعمل عليها ومن هو جمهورك المستهدف.

التخزين

حتى لو كنت تعمل بمفردك، فإن حفظ آخر نسخة عاملة من الشيفرة المصدرية (إلى جانب الإصدارات الملتزمة السابقة) يمكن أن يوفر عليك الوقت والإحباط. وإذا كنت تنوي التعاون مع آخرين أو مشاركة الشيفرة، يصبح وجود تطبيق مخصص للتخزين والتحكم بالمصدر ضرورة.

واحدة من أشهر أدوات التحكم بالمصدر هي GitHub؛ حيث يوفّر المستوى المجاني مستودعات خاصة وعامة. تُنظم الشيفرة المصدرية ضمن مشاريع مع تحكم بالإصدارات وميزات للتعاون وقدرات للتراجع عن تغييرات عند حدوث أخطاء، إضافة إلى وثائق تشرح الغاية والمنطق وراء التغييرات.

ملاحظة: لن ندخل هنا في تفاصيل متقدّمة مثل التفرّع (branching) أو الاستنساخ (forking) ودمج الشيفرات، لكن مع تزايد تعقيد احتياجاتك سيصبح تعلّم استخدام GitHub بكامل إمكاناته أمرًا حيويًا.

يقرأ  كيف حوّلت المخرجة إيلانا باركوسكي إعلانًا ليصبح أحد أفضل إعلانات العام حتى الآن

في المقال السابق تناولنا جزء التحرير من الشيفرة. يتيح لك GitHub إنشاء مجلد مشروع محلي تحتفظ فيه “بنُسخة” من الشيفرة للتحرير والتجريب والتكرار حتى تستقر الميزة التي تعمل عليها، ثم تحديث المصدر في GitHub.

العمل مع GitHub

عموماً هناك طريقتان للحفاظ على الشيفرة باستخدام GitHub:

  • واجهة المستخدم الرسومية (GUI)
  • سطر الأوامر (الطرفية أو CLI)

متى تستخدم أيًّا منهما؟ الواجهة الرسومية مناسبة للمبتدئين وسهلة الاستخدام بصريًا، لكنها قد تكون أبطأ ومحدودة. سطر الأوامر أسرع ويوفّر مرونة أكبر في التعامل مع التحكم بالمصدر، لكنه يتطلب مزيدًا من الكتابة. أدوات التطوير المدعومة بالذكاء الاصطناعي يمكن أن تساعدك في الحالتين. أنصح بتجربة الطريقتين لترى أيهما يناسبك أكثر.

لقد عملت بلغات برمجة لعقود فأميل إلى سطر الأوامر، وبالمناسبـة—للحفاظ على الشيفرة الأساسية ستحتاج عادةً إلى بضعة أوامر فقط (إضافة التغييرات، كتابة تعليق، ودفع التغييرات). وإذا أًعددت الأمور بشكل صحيح، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يقوم بهذه الإجراءات نيابةً عنك عن طريق التفاعل المباشر مع GitHub عبر الطرفية.

المعاينة (الاختبار وتصحيح الأخطاء)

معاينة نتائج الشيفرة أمر حاسم. ستقضي وقتًا أطول بكثير في هذه المرحلة مما تتوقع. اختبر وشغّل الشيفرة بقدر الإمكان؛ هناك فن وعلم لاكتشاف الفرق بين ما تنوي تنفيذه وما يفعله الكود بالفعل—وهذه عملية تسمّى تصحيح الأخطاء (debugging).

لو اضطررت إلى نشر الشيفرة في كل مرة لمعاينة المخرجات لكان العمل بطيئًا للغاية. أدوات التطوير المدعومة بالذكاء الاصطناعي تساعدك على تشغيل الشيفرة محليًا وتفعيل أو إلغاء وضع التصحيح لتحديد مكان العطل أو السلوك غير المتوقع. أنا دائمًا أفتح وحدة تحكم المتصفح (Console) لمتابعة التحذيرات ورسائل التصحيح.

عند ظهور خطأ يمكنك نسخه ولصقه إلى الأداة الذكية وطلب حله، أو أخذ لقطة شاشة وشرح التغييرات المرغوبة. لدى Windsurf، على سبيل المثال، متصفح محكّم يمكنك من إرسال لقطات الشاشة أو رسائل الأخطاء مباشرةً إلى أداة التطوير، ما يسرّع عملية التصحيح.

النشر

المرحلة النهائية في عملية التطوير هي النشر—أي جعل التطبيق متاحًا للمستخدمين. بينما تتيح المعاينة المحلية لك مراجعة العمل، فإن نسخة النشر المباشرة مبنية للاستهلاك العام. كيفية وصول المستخدمين إلى تطبيقك تحدد أين وكيف تنشره؛ قد يكون ذلك خادم ويب ثابت بسيطًا أو بيئة نشر متقدمة مثل Vercel.

يتطلب النشر أيضًا معاينة واختبارًا وأحيانًا تصحيح أخطاء. في كثير من الحالات تُعاد بناء الشيفرة على مستوى النشر لأجل القابلية للتوسّع والاستقرار.

وهذا بديهي: لا تُضمّن مفاتيح الوصول أو الأسرار ضمن الشيفرة المصدرية. إن اطلع أحدهم على الشيفرة فسيطلّع على هذه الأسرار.

لذا تُدار المفاتيح والرموز السرية المختلفة محليًا بطريقة مغايرة عن مرحلة النشر. محليًا يمكن تخزين الأسرار في ملف محلي لا يُدفع إلى GitHub (مُدرج في .gitignore) أو كمتغيرات بيئية ضمن نظام التشغيل.

في حالة النشر على Vercel، تُحفظ مفاتيح الوصول عادةً كـ«متغيّرات بيئة» لا يمكن للمستخدين الوصول إليها في السحابة.

كلمة ختامية عن العملية الشاملة: CI/CD
قبل نحو عقدين، كانت التطبيقات البرمجية تُصدر مرة أو مرتين في السنة، وكان إكمال دورة الحياة الكاملة للتطوير والتوثيق والنشر يستغرق وقتًا طويلاً، حتى يضطر المستخدمون للانتظار لأشهر قبل أي إصدار جديد. اليوم، يمكن أن تحدث إصدارات البرامج بوتيرة فائقة—ما يُعرف بالتكامل المستمر/التسليم أو النشر المستمر (CI/CD). تمكّن هذه الممارسات المطوّرين من إطلاق تصحيحات وميزات جديدة فور جاهزيتها، من دون انتظار حدث سنوي. لا أتناول CI/CD بالتفصيل هنا، لكن التحدث عن سير CI/CD مع المطورين قد يمنحك نقاط تباهٍ في محادثات السهرة.

كيف تختار أداة تطوير ذكاء اصطناعي
اختيار أداة تطوير ذكاء اصطناعي بناءً على مقارنة مجموعات الميزات والهندسة التقنية يشبه اختيار حبوب الإفطار من بين خمسة آلاف نوع بعد قراءة كل العلبة—ستجد نفسك جائعًا قبل أن تُقلّص الخيارات إلى ثلاث مرشحين. علاوة على ذلك، وتيرة التغيير في مجال الذكاء الاصطناعي سريعة للغاية، لذلك البدء من زاوية التكنولوجيا وحدها ليس استراتيجية جيدة.

لا تبدأ بالتكنولوجيا أو الميزات! ستُغرقك التفاصيل. ابدأ بالـ«لماذا».

لماذا تريد استخدام الذكاء الاصطناعي؟ ماذا تودّ أن تطوّر؟ لا تُبنِ حلولًا ثم تبحث عن مشاكل لتبريرها. ابدأ بمشكلة تستحق الحل. يمكن للذكاء الاصطناعي تسريع إنتاجك بمقدار 10x، لكن تسريع شيء غير مستخدم عشرة أضعاف يظل هدرًا للجهد. كذلك، لا تُؤتمت عمليات مكسورة أو توسّع حلولًا غير فعالة. مرّ عليّ مشروع حول أتمتة بناء شرائح PowerPoint عبر Visual Basic for Applications لتسريع تعلم التصميم—لم يكن من أفضل لحظات مسيرتي. ابنِ شيئًا يجمع بين الفعاليّة والكفاءة.

فئات الأسئلة التي عليك مراعاتها
هناك المئات من السمات التي تصف أدوات تطوير الذكاء الاصطناعي. ومن منظور التعلم والتمكين، أنصح بالتركيز على الفئات التالية:

– التكلفة: ما حدود ميزانيتك؟
– سهولة الاستخدام: هل تفضّل تجربة دردشة مبسطة أم واجهة سطر أوامر «نحوية» تمنحك تحكماً كاملاً؟
– المهارات التقنية والبرمجية المطلوبة: ما مستوى المعرفة السابقة اللازم للنجاح؟
– تعقيد المخرجات: هل تحتاج مقتطفات بسيطة، تصميم بصري، أم تطبيقات متعددة الملفات؟
– التحكم في الشيفرة: من الراحة التامة «بدون يد» إلى تحكم كامل بكل تغيير.
– عناصر عابرة للقطاعات: أمور أساسية تتقاطع مع الفئات السابقة، مثل الأمان والخصوصية والتكامل والتعاون.

ضمن هذه الفئات، حدّد أولوياتك واحتياجاتك. الإجابة عن أسئلة محددة قبل اختيار أداة ستضيّق نطاق الخيارات المحتملة. يمكنك تنزيل مجموعة الأسئلة التي أستخدمها وتعديلها لملاءمة احتياجاتك [1]. وبالمناسبة، كثير من المبرمجين يستعملون أدوات متعددة تبعًا لنوع العمل أو مرحلته.

توصياتي الأعلى
بعد كتابة أكثر من 6000 سطر برمجي حتى الآن، أقترح تجربة الأدوات التالية:

– نماذج أولية بسيطة وسريعة، من الفكرة إلى مثال خلال دقائق: Lovable أو Replit
– مساعد برمجي مجاني لمقتطفات الشيفرة وصفحات الويب الأساسية: GitHub Copilot (مجاني) إلى جانب ChatGPT للعصف الذهني
– تطوير يتجاوز المقتطفات والصفحات: Windsurf أو Cursor

في المقال التالي من هذه السلسلة سأشارك سير العمل الشامل وأفضل الممارسات، سأستخدم Windsurf كمثال توضيحي لكن بطريقة عامة تتيح تطبيق الممارسات على أي أداة تطوير ذكاء اصطناعي.

المراجع:
[1] AI Dev Tools Selection (L&D/Enablement) — مواد مرجعية قابلة للتحميل.

حقوق الصورة:
الصورة المضمنة في متن المقال صمّمها/زوّدها المؤلف.

يقرأ  كيف يمكن للمدارس استخدام الذكاء الاصطناعي مع الحفاظ على تكافؤ الفرص، وحماية الخصوصية، وضمان الشمول

أضف تعليق